توّحدوا… وإلا

توّحدوا… وإلا
م. عبدالكريم ابو زنيمه

في الوقت الذي تتعرض فيه القضية الفلسطينية لاخطر مرحلة من مراحل تهويدها وسلب هويتها وتصفيتها فاننا لا زلنا نجتر خلافاتنا وتناقضاتنا ، ولا زال الكثير منا يجادل باحقية معاوية ام علي بالخلافة والبعض الاخر منشغل بالخلافات والانقسامات والتناقضات بين فكر وايدلوجيا الحزب الواحد وقسم اخر لا زال مصراَ بأن فكره هو الامثل كمنهج للحياة وبناء المستقبل ويجب اقصاء الاخرين ! مصيبتنا وضيق افق رؤيتنا اننا نتوقف عند مصائب الماضي ونتوقف عندها ولا نفكر بحاضرنا وكيف نبني مستقبلنا ! في المقابل نجد ان عدونا بكافة مكوناته السياسية بالرغم من كل الخلافات بينهم يشاركون ويتفقون على رسم السياسات والاستراتيجيات العدوانية ومتابعة تنفيذها بكل دقة .
بكل وضوح وجلاء اثبت مسار السلام فشله ومن لا زال يراهن على انعاشه ويروج لايجابيات الصفقة فانما هو يساهم في تمرير صفقة القرن ، ومن يراهن على النظام الرسمي العربي والسلطة الفلسطينية جزء منه فكأنما يراهن على نقل الماء بالغربال ، غالبية النظام الرسمي العربي شريك في هذه الصفقة إما تخطيطا وإما تنفيذا او تمويلا ، هذه الانظمة التي أنشئت بعد سايكس بيكو وجدت لاداء مهام وادوار تفضي لانجاح مشروع اسرائيل الكبرى ، أما ما خيب الامال والطموحات من هذه الصفقة فهو موقف السلطة الفلسطينية الذي لا زال دون الحد الادنى من المواجهة ولا زال يراهن على المواقف والشرعية الدولية وهم اي مسؤولي السلطة خبراء في هذا المجال ! فماذا فعل لهم المجتمع الدولي بعشرات القرارات التي صدرت خلال عقود الاحتلال الصهيوني لفلسطين غير التشريد وابتلاع المزيد من الاراضي والقتل والدمار ، هذا التلكؤ في دعوة الفصائل والقوى الفلسطينية لبناء جبهة موحدة وتمزيق كل وثائق أوسلو فانما هي مساهمة في تمرير الصفقة وزرع الوهن في قلوب وعقول الشعوب العربية الثائرة لمواجهة ومجابهة هذه الصفقة المشؤومة .
منذ زرع هذا الكيان اللقيط في فلسطين هناك مشروعان يتصارعان – المشروع الصهيوني والمشروع العربي التحرري ، وما هذه الصفقة الا مرحلة من مراحل المشروع الصهيوني وكل ما جرى ويجري في المنطقة العربية من حروب فيما بينها وتجويع وسلب للحريات ونشر وانتشار الفساد وأيقاظ الفتنة الطائفية والمذهبية والعرقية فانما هو كان مقدمة لاشهار هذه المرحلة المتمثلة في صفقة القرن .
أمام هذه التحديات والمخاطر لا زالت الاحزاب السياسية والنخب الفكرية والثقافية والاجتماعية على مساحة الوطن العربي منقسمة على ذاتها وفيما بينها ، فان لم توحدنا مخاطر صفقة القرن ! فعلى ماذا ومتى سنوحد جهودنا وطاقاتنا ؟! نختلف على ايران واليمن وسوريا وتركيا..الخ- ولكن فلسطين تجمعنا ومن أجلها علينا ان نترفع عن كل خلافاتنا ونبقيها جانبا ونتفق ونتوافق على برنامج جبهوي وطني داخل القطر الواحد ونتواصل مع بقية الاشقاء العرب لتشكيل جبهة عربية لمواجهة ليس فقط صفقة القرن وانما للمشروع الصهيوني برمته سيما وان هذه الاحزاب ” القومية واليسارية والاسلامية” ترفع نفس الشعارات وتنظم المظاهرات والندوات المعادية لاسرائيل وليس هناك خلافات في طروحاتهم بهذا الشأن ! علينا ان نلتقي ونتفق على برنامج عملي خاص بالقضية الفلسطينية ندعو اليه الاشقاء الفلسطينين للانضمام اليه لنواجه سوية هذه التحديات والمخاطر وأخطرها صفقة ترامب – نتنياهو ، وليحتفظ الجميع بخلافاتهم بعيداً عن القضية الفلسطينية .
إن لم تلتقي الاحزاب والقوى الوطنية اليوم قبل الغد وتتوحد وتتفق على برنامج وطني مناهض للمشروع الصهيوني فانها ستصبح كالحداة تنشد اشعارها في جوف الصحاري لا خلائق تُسمع ولا ضواري تُرعب ! وستصبح شعاراتها لوحات جدارية للعرض والزينة.. توحدوا والا ساهم حالكم هذا في تسهيل تنفيذ الصفقة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى