تقرير حول قيمة أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر التي تقوم بها المرأة في الأردن

سواليف

كثيراً ما تحملت #المرأة في جميع أنحاء العالم وعبر التاريخ، بصفتها زوجة وأماً وابنة، #أعباء #أعمال #الرعاية التي تُعرّفها #منظمة_العمل_الدولية على أنها “تتألف من أنشطة وعلاقات تنطوي على تلبية الاحتياجات المادية والنفسية والعاطفية للبالغين والأطفال، وكبار السن والشباب، والضعفاء والقادرين جسدياً”. ويمكن لأعمال الرعاية أن تكون مدفوعة الأجر -وذلك من خلال عدة قطاعات كالتعليم، والصحة، والرعاية الاجتماعية والعمل المنزلي- أو غير مدفوعة الأجر؛ بحيث تشمل في العادة رعاية الأشخاص مباشرة أو الإشراف عليهم (ما يعني الأطفال، والأشخاص من ذوي الإعاقة، وكبار السن، والمصابين بأمراض مزمنة بشكل أساسي)، إضافة إلى الأعمال المنزلية التي تُسهّل رعاية الأشخاص، وتسوّق الطعام، وغيرها من الأنشطة. على الرغم من أنه لا يُنظر دائماً إلى هذه الأنشطة على أنها “عمل”، إلا أن معيار “الشخص-الثالث” يُعرّف العمل على أنه أنشطة يمكن تعويض شخص ثالث مقابل القيام بها، وبذلك تعد هذه السلوكيات في مرتبة العمل.

على الصعيد العالمي، تقضي المرأة وقتاً أكبر في أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر مقارنة بالرجل؛ فتمضي في المتوسط في أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر ساعتين و28 دقيقة زيادة عن الرجل لكل 24 ساعة في اليوم. أما في الدول العربية، فيُقدّر الباحثون أن المرأة تؤدي أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر بما يزيد 4.7 مرات عن الرجل، وهي النسبة الأعلى من النساء إلى الرجال على مستوى العالم. وفي الأردن تحديداً، وصل الوقت المحتسب والذي تقضيه المرأة مقارنة بالرجل في أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر إلى 19:1، وهي النسبة الأعلى بين الدول العربية.

من الناحية الاقتصادية، أثبتت أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر كونها مؤشراً على تحديد ما إذا كانت المرأة ستدخل القوى العاملة وتبقى فيها وكذلك على جودة الوظائف التي تقبل بها. وعلاوة على ذلك، تُظهر الأبحاث أن ثمة ارتباطاً سلبياً كبيراً بين معدل توظيف الإناث في دولة ما ومتوسط الوقت الذي تقضيه المرأة في أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر. بعبارة أخرى، تتناقص أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر التي تقوم بها المرأة بازدياد معدلات توظيف المرأة الوطنية، والعكس صحيح. تنعكس هذه الظاهرة في الأردن إذ يبلغ معدل مشاركة الإناث في القوى العاملة 14.9 في المئة، كما يُقدّر أن 51.3 في المئة من النساء الأردنيات اللاتي تزيد أعمارهن عن 15 عاماً يعتبرن الأعمال المنزلية (التي تُعدّ عمل رعاية غير مدفوع الأجر) نشاطهن الأساسي.

أدت جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) إلى تفاقم أوجه انعدام المساواة في أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر في جميع أنحاء العالم. على الرغم من التقارير التي أفادت بانهيار الإنتاجية في “الاقتصاد الحقيقي”، إلا أن المرأة قد أصبحت أكثر انشغالاً من أي وقت مضى، بينما لم يقم الرجال الماكثون في المنزل نظراً لفقدان الوظائف ومتطلبات العمل عن بعد، بزيادة مساهماتهم في الأعمال المنزلية. علاوة على ذلك، فإن المرأة خلال الأزمات مثل جائحة كوفيد-19 “ربما تواجه ضغطاً متزايداً للقيام بعمل غير مدفوع الأجر لتعويض الدخل المفقود، على سبيل المثال، رعاية قريب مريض في المنزل بدلاً من أخذه إلى العيادة”.في الواقع، قدّرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة أن النساء المتزوجات ممن لديهن أطفال في الأردن قد أمضين ما بين 18 إلى 24 ساعة إضافية أسبوعياً في أعمال الرعاية غير المدفوعة خلال الجائحة، في حين أمضى الرجال من ساعة إلى ثلاث ساعات إضافية فقط في الأسبوع في أداء الأنشطة ذاتها.

وفقاً لتقدير هيئة الأمم المتحدة للمرأة في 2020، تشكل أعمال الرعاية مدفوعة الأجر عبئاً خاصاً على المرأة في الأردن على الرغم من وجود آليات الحماية الاجتماعية. ومع ذلك، ثمة نقص في البيانات الدقيقة والموثوقة بشأن أنشطة أعمال الرعاية التي تقوم بها المرأة، لاسيما في ظل جائحة كوفيد-19. يُعد قياس حجم أعمال الرعاية المباشرة وغير المباشرة غير مدفوعة الأجر التي تؤديها المرأة يومياً إحدى الإستراتيجيات التي يُسلط الاقتصاديون المهتمون بشؤون المرأة الضوء عليها باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من جهود المساندة لإعلام المؤسسات الحكومية بالمساهمات الاقتصادية الهامة التي تُقدمها المرأة. وعليه يأتي هذا التقرير بهدف توعية جمهور أكبر بأثر أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر من منظور المرأة في الأردن واستكشاف نهج يراعي العدالة الجندرية وينطلق من القاعدة إلى القمة من حيث تحديد الكيفية التي يمكن بها تقليص أعمال الرعاية وإعادة توزيعها في الأردن.

بينما يطرح الخبراء الدوليون فكرة تسليع أعمال الرعاية على أنها حل محتمل، يقترح التقرير اللجوء إلى نهج قائم على حقوق المرأة فيما يتعلق بأعمال الرعاية للتحقيق في العوامل التي وضعت النساء مبدئياً في هذا المكان ليلعبن دور مقدمات الرعاية الأولية دون أجر، والحلول التي يمكن أن تمنح النساء خياراً آخر.
ولتحقيق هذه الغاية، فإن تحويل الأعراف الاجتماعية وإجراء تغييرات وتعديلات على التشريعات ذات الصلة هما التوصيتان الأكثر إلحاحاً الآن. كما أن إجراء مزيد من الأبحاث حول واقع حياة النساء باعتبارهن يقدمن الرعاية دون أجر من شأنه توفير الأساس اللازم لسنّ السياسات اللازمة لإحداث مثل هذا التحول.

يأتي هذا التقرير من قبل فريق مركز النهضة الفكري في المنظمة كجزء من سلسلة الأبحاث ضمن إطار مشروع “تعزيز قدرات منظمات المجتمع المدني التي تقودها النساء في المناصرة القائمة على الأدلة ضمن الأجندة الوطنية للمرأة والأمن والسلام”، والذي يتم تنفيذه بدعم من هيئة الأمم المتحدة للمرأة وبتمويل سخي من حكومات كندا، وفنلندا، والنرويج، وإسبانيا والمملكة المتحدة. وتتوجه منظمة النهضة (أرض) بالشكر لشركائها من منظمات المجتمع المدني ضمن تحالف جوناف والأفراد الذين قدموا دعمهم لإعداد هذه الدراسة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى