تغيّرَ الناس …

تغيّرَ الناس …
منصور ضيف الله

لم تعد الكتابة مجدية ، تغير الزمن كثيرا ، وتغير الناس ، وفرضت التكنولوجيا نفسها ، الان ينشغل العالم بالذكاء الصناعي ، ويتنافسون به ، ويفرضون سطوتهم واحترامهم . ما قيمة ان ننشغل بعنترة وبطولاته ، وخمريات امرئ القيس ، ومغامرات عمر ابن ابي ربيعة . ذهبت خلافات الامين والمأمون ، واكلت الارضة كرسي الخلافة ، وبغداد لم تشف من جراح الاحتلال ، وتغرق في فوضى وفساد يقولون انه الاعلى على مستوى المنطقة . حتى اللغة العربية ، رغم جمالها ، تحتاج الى تجديد ، ان تغدو لغة العقل ، لا تحتمل تاويلا ، تخدم الناس ، وان تكون لهم لا عليهم .
كنت بصدد الكتابة عن عمان ، وسنوات التشرد على اطراف مخيم الوحدات . عن ذاكرة تختزن الاف الصور منذ الطفولة الاولى ، عن سويلم ، الشخصية التي طوتها الايام ، وباصات الحجاج الاتراك ، وذاك الطفل الذي يقف بين الحاجات التركيات ليدور حوار الطرشان . عن المبنى العتيق لمدرسة عبد الرحمن الغافقي ، حيث الطفل البدوي يقف زاهيا امام المدير ببدلة الكاكي ، ثم رفض المدير قبوله . كانت تلك اولى محاولات والدي رحمه الله لقتل تمردي .
لا قيمة للكتابة ، ولا فائدة من الإطالة ، واستجرار الصور ، فعمان القديمة ماتت ، وثمة عمان جديدة تولد كل يوم ، تفرض ناسها وايقاعها ، لا تلتفت الى ماض ، ولا تأبه لعاطفة ، يؤطرها الصلعان الجدد ، خريجو هارفارد ، ووكالات الانماء ، ويشكل رأس حربتها بنوك تعرف من اين تؤكل الكتف .
ورحم الله الشاعر تيسير السبول اذ ما زال يتردد صدى صوته :
عذيرك، بعدُ، إذا ما التقينا
بذات منامْ
تفيقُ الغداةَ، وتنسى
لكم أنتَ تنسى
عليك السلامْ .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى