تطبيع أم تآمر!

تطبيع أم تآمر!
م. عبد الكريم أبو زنيمة

ما جرى ويجري في منطقتنا العربية تحت مسمى التطبيع هو في حقيقته وجوهره تآمر على قضايانا وطموحاتنا وأهدافنا في بناء الوطن العربي الكبير وتآمر على قضيتنا المركزية وتصفيتها لصالح الكيان الصهيوني، الإعلام العربي الرسمي الذي دأب على تضليل شعوبه طول العقود الماضية بشعارات وأوهام كاذبة يصور لنا أن ما يجري هو تطبيع للعلاقات مع هذا الكيان الغاصب لتحقيق مصالح متبادلة، لكن الحقيقة أن ما يجري هو تحالف وتشكيل محور عسكري استخباراتي لمواجهة قوى المقاومة وداعميها وتصفيتها خدمةً ومقدمة لمشروع إسرائيل الكبرى، هذه الأنظمة ومنذ نشأتها تقيم علاقات سرية مع دويلة الكيان الصهيوني وعملت على خدمتها من خلال شق الصف العربي وتفتيت دوله وإجهاض أي نهضة عربية ونهب خيراته وإفشاء الفساد بكافة أشكالة وكبت حريات شعوبه لتبقيها بعيدة عن صنع القرار وتقرير مصيرها الوطني وصنع مستقبلها.
تريليونات من أموال الشعوب أُنفقت على تحطيم الأحلام العربية كان ربعها كفيلاً بإحداث ثورة صناعية واقتصادية وعلمية واجتماعية تغني المواطن العربي عن أحلامة بالهجرة لبلد آمن بحثاً عن لقمة عيش وشيء من الكرامة لم يجدها في موطنه، مليارات أُنفقت على سياسة التجهيل والخلاعة والبذاءة وطمس كل ما هو وطني من العقل الجمعي للشباب العربي بالوقت الذي تتمسك به دولة الكيان بكل الخرافات التوراتية المحرّفة وترضعه لأجيالها جيل بعد آخر، حتى كتاب الله وآياته لم تسلم من تحريف معانيها ومنها المسموح به ومنها الممنوع، اليوم مناهجنا التربوية لم تعد تتضمن لأي من ملاحم التاريخ وأبطاله وشهداءه.
التاريخ لا يتوقف عند خيانة، والحق لا يضيع ووراءه مطالبين، فما يجري هو فرز بين قوى المقاومة والتحرر وشعوبها وبين أنظمة تبحث عن أمن يحمي عروشها، سيتراجع الدور الأمريكي وهيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي مع بروز قوى دولية وتكتلات اقتصادية منافسة ستتفوق على الاقتصاد الأمريكي خلال العقدين القادمين، أمريكا الحامية للكيان الصهيوني والديكتاتوريات العربية ولأسباب موضوعية داخلية أيضاً ستنكفئ للداخل الأمريكي، دول المحور الأمريكي غالبيتها مرتع للفساد ومثقلة بأزماتها الاقتصادية والسياسية، الطلب على البترول الذي كان مصيبة لنا ونقمة علينا سيتراجع لصالح الطاقة النظيفة المتجددة، دول المحور المعارض للوجود الصهيوني وقوى وفصائل المقاومة تتعاظم قدراتها وخاصة العسكرية، جبروت القدرة العسكرية الصهيونية هُزم في كل معاركه خلال العقدين الماضيين، وفخر صناعته العسكرية “المركافا” أصبحت صيداً سهلاً لسلاحٍ بسيط، ذراعه الطولى سلاح الجو تواجهه آلاف الصواريخ الدقيقة القادرة على تدمير أي هدف داخل فلسطين المحتلة، والأهم من كل ذلك هو تفكك جبهته الداخلية وانهيار إرادة القتال لدى جنوده المجهزين بأحدث وسائل وتقنيات القتال.
لهذه الأسباب وغيرها الكثير مما لا مجال لذكره هنا، فإن هذه الدويلة لا مستقبل لها في المنطقة وهي إلى زوال محتّم، وإرادة الشعوب الرافضة لكل أشكال التطبيع والتنسيق والتآمر والخيانة مهما بلغ الظلم والطغيان ستنتصر في نهاية المطاف، هذه الشعوب هي من ستكتب تاريخ المجد والبطولات لكنها ستبقي بضع صفحات سوداء لكل من تآمر وخان أمته ليذكرهم التاريخ مع ملهمهم (أبا رغال) دليل (أبرهة الأشرم) لهدم بيت الله الذي لا زال يرجم داخل قبره بالأحذية حتى يومنا هذا!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى