عَمَّان تصْرخُ :إنِّي أغْرَقُ إنِّي أغْرَقُ / د. منتصر الزعبي

عَمَّان تصْرخُ :إنِّي أغْرَقُ إنِّي أغْرَقُ
د. منتصر الزعبي

أشعرُ بحالةٍ مِن الألمِ والصدمةِ والذهولِ وأنا أشاهدُ عاصِمتي عمّان تغرقُ ؛وتقودُنِي “الفِطرَةُ لأكتشفَ تفوقَنا علي بَنِي جِنسِنا في مهارةٍ لا يُجيدها أحدٌ غيرُنا ألا هِيَ : “هزُّ الرؤوسِ” إيمانًا منّا بأنّ كلّ شيءٍ يَمشي بالبركةِ ،طالما أنَّ المسؤولَ يقولُ :[كلُّ شيءٍ تمام سيديٍ]
أقلِّبُ في ذاكرتي صورةَ ما حدثَ لعاصِمتنا الحبيبةِ عمّان ،وأتساءلُ مُندهشًا:هلْ هذهِ هيَ عاصمتُنا بالفعلِ؟! أمْ أنَّ يدَ الغدرِ قدْ عبِثت في جسدِها الندِيِّ ؟ فشوَّهتْ صُورتَها أيدي الفاسدين ومصَّاصي الدماءِ وتجارِ الموتِ وعشّاقِ البيروقراطيةِ وباعةِ الكلامِ وخونةِ المشاريعِ ؛لأكتشف صِدْقَ المَثلِ الشعبيِّ القائلِ :”مِنْ بَرَّا هالله هالله، ومِنْ جُوَّا يِعْلَمْ الله”.
فبعدَ الفضيحةِ المدوّيةِ ،التي تضاربتْ وتناقضتْ حولَها التحليلاتُ والتفاسيرُ ،ذهبتْ الأمانةُ كعادتِها إلى أسلوبِ المراوغةِ بعللٍ وأسبابٍ أوْهَى مِنْ بيتِ العنكبوتِ ،مِن أجلِ تغطيةِ فشلِها الذريعِ الذي مُنِيت بهِ ،وخلَّفته سياستُها الفاشلةُ ؛وأخذتْ تلوِّحُ بأنَّ المسؤولَ عنْ ما حلَّ بالعاصمةِ مِن مصائبَ وكوارثَ همْ المواطنون ،الذين افتعلوا الأزمة المرورية ،وهم من سرق أغطية المناهل ،وهم من ألقى العلب الفارغة والأتربة وأوراق الشجر في المناهل ،وهذا copy paste عما جرى سابقا ،عندما قام بعض المهووسين مِن شبابِ الموالاة – حَسْبَ ادعائِهم الذين حمَّلوا الأخوان المسلمين المسؤوليةَ عما جرى لأنهم يقيمون صلواتِ استسقاءٍ سرًا وانَّ هذه الصلوات هي السبب الرئيسي وراء المنخفض الجوي الذي تسبب بالكارثة ؛وطالبوا الحكومة بعدم السماح للاخوان باقامة صلواتِ الاستسقاءِ – نسأل الله أن لا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منّا!!
يكفي ردًا على تضليلاتِ الأمانةِ وأباطيلها المخزيةِ ،أنَّ أمينَها العامّ صاحبَ الاستعراضِ الشهيرِ أمامَ عدساتِ المصورين ،وهو يكرِّم الغانيات الكاسيات العاريات ،توارى عن الأنظار جملة وتفصيلا .
إنَّ ما حدثَ للعاصمةِ عمَّان وغيرِها مِن مناطقِ المملكةِ لهو البرهانُ القاطعُ الذي كشفَ سوءَة الأمانةِ والبلدياتِ للعَلَنِ، ويؤكدُ على الفسادِ القائمِ والفشلِ الذريعِ المُطلَقِ ،فالأحداثُ التي وقعَت كشفتْ أنَّ الرجالَ لمْ يكونوا يَصلُحوا إلَّا للجلوسِ في القاعاتِ المكيَّفةِ وتحتَ عدساتِ الكاميراتِ التي تنقلُ تزيفهم للحقائق ،واستخفافَهم الفرعونِيّ بالناسِ ،أمّا المِحَنُ والمصائبُ التي تقتضي الجِدَّ والعملَ الناجعَ والسياساتِ الرشيدةَ ، فلا مجالَ لهم فيهِ لأنَّ [الأمانةَ] خارج التغطيةِ ،التي يفتكُ فيها وللأسفِ الشديدِ الفسادُ ،وما حدثَ سيظلُ على الحالِ نفسِه لسنواتٍ قادمةٍ ،نتيجة حتمية لتعاقبِ أزمةِ الرجالِ النزيهين الذينَ افتقدتهم الأمانةُ منذُ تأسيسِها، والكوارثِ المختلفةِ التي ستترك السيناريوهات والفضائحَ نفسَها تتكررُ.
وأعتقدُ أنّ كلّ مَنْ يحلبُ في إناءِ هذهِ الطغمةِ الفاسدةِ “حمالة الحطب” سيجدُ نفسَه يومًا أمامَ تاريخٍ يُعرِّي سوأَته إلى حدٍ يخجلُ مِن نفسهِ.
إن المآسي التي تضربُ شعبنا الأردنِيّ ،سواء كانت طبيعيةً أو سياسيةً تؤكدُ بما لا يدع مجالا للشك ،أننا بحاجة ماسة إلى [تطهيرِ عرقِيّ] للمسئولين الفاسدين ، ولا نقولُ ذلك على أساسِ أنّه لم يكن بمقدورهم ردَّ قدرِ اللهِ وحكمته البالغة لو تدبرناه بقلوبٍ مؤمنةٍ ،التي فضحتْ وعرَّتْ الفاسدين، وإنَّما نقول ذلك من أجل محاسبة الحكومةَ التي لمْ تقدرْ على مواجهةِ االكارثة وإنقاذِ حياة الناسِ وممتلكاتهم ، ترى كيفَ يكونُ الحالُ لو أنَّ الأردنَّ كانَ يقعُ في منطقةِ تهددُها الأعاصيرُ لا قدَّر الله؟!
وهنا أجد نفسي وبعد هذه الفضيحة المدوية مضطرا لطرح سؤال تاركا الإجابة عليه للمنكوبين من أبناء أردننا الحبيب ،هلْ نحتاجُ إلى قنواتٍ لصرفِ مياهِ الطوفانِ التِي بلا شك ستتكررُ وتعادُ معهَا مشاهدُ البؤسِ والمأساةِ ؟ أم أنَّنا يأمسِ الحاجةِ لقنواتٍ أخرى جادةٍ مِن خلالِها يتمُّ تصريفُ هؤلاءِ المسؤولين قبلَ فواتِ الأوانِ؟
وهنا نجدُ أنفسنَا نرددُ سؤالاً ونتركُ الإجابةَ عليهِ لمصابي الأردنّ .هلْ نحنُ في حاجةٍ لقنواتٍ تصريفِ هؤلاءِ المسؤولين امْ أننا تغردُ خارجَ السربِ؟! وللحديث بلا شك موعد آخر بانتظار الفضائح التي ستكشفها المنخفضات القادمة بمشيئة الله.,

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى