الاردن عاريا / عبد الفتاح طوقان

الاردن عاريا

أولا يعيش المواطن في الاردن في عصر من عدم الثقة بالحكومة و مجلس النواب و الاعيان.

و اصبحت الموثوقية بالمؤسسات التشريعية و التنفيذية هي العملة الوحيدة ألاكثر انخفاضا من حيث القيمة في المجتمع دون ان يتجرأ احد في اثارة الموضوع و يبقي همسا في غرف مغلقة ، لذلك فإن القرارات التي تستند تقليديا إلى الموافقات الشعبية والثقة النيابية تفشل وتخفق السياسة الحكومية مره تلو الاخري ، و لا احد يهتم بالدراسة و المتابعة و ايجاد افضل الممارسات السياسة و الاقتصادية لحل تلك المشكلة التي ازمنت..

وللمرة الأولى في التاريخ الحديث للاردن فإن التحدي ليس الحكومة التي لديها قوة كبيرة و صلاحيات واسعة مثل حكومتي الشهيدان“وصفي التل و هزاع المجالي “ علي سبيل الذكر لا الحصر ، ولكن حكومة القليل جدا من بعض المـؤهلين و الخبراء و حكومة معدومة الصلاحية منزوعة الدسم.

مقالات ذات صلة

ثانيا بعد الانتكاسات و الانكماشات الاقتصادية التي تسببت بها بعض من حكومات فاشلة متتالية ، تحولت سياسة الحكومة الاردنية الحالية إلى الداخل و فرضت الضرائب عوضا عن المشاريع الكبري في اللحظة التي يجب أن تنظر إلى الخارج و الاستثمارات.

ثالثا اصبح النهج الحكومي ذو نفس قطري محلي اقليمي يعتمد جغرافية الاختيارات و لا يلتفت الي التاريخ عندما يجب أن يكون دولي منفتح علي العالم مؤسسا لمفهوم غائب عن الساحة و اقصد “دولة للجميع “ دون تفرقة ودون تشتيت و تفتيت للهوية و تقسيم للشعب. و طرد للعقول و تهجير للخبرات.

لا يزال عدم المساواة الهائل بين طبقات الشعب من مختلف الاصول و المنابت والعشائر هو المتداول، وفي الارتفاع المطبق للدخول هو السائد، وإطلاق العنان لردود حكومية وتشنجات الغضب التي نشهدها على شبكة الإنترنت والواتس اب هي المقلقة ، والمتابع يجد أنه لم يكن الفقر الأردني هو الذي ولد المشاكل والكوارث ولكن الحكمة الأردنية في تواجد بعض “حكومات ضعيفة متهالكة “هي السبب ، و الابقاء علي بعض من حكومات فاشلة هو المتدفق.

رابعا ان الملك عبد الله الثاني رجلا متواضعا ذو حلم اردني يمس مشاعر المواطنيين لكن حوله العديد من المتغطرسين غير العابئين بالاردن و لا الشعب و تلك مصيبة كبيرة.

هذا الحديث وتعرية الواقع ليس موقف بل حقيقة يلمسها الجميع . نحن بحاجة في الاردن إلى بلد يقوم على عرض الواقع بشفافية دون كذب او اخفاء للحقيقة ، و دون تكميم افواه ، و دون استخدام عصا الأمن و التهديد المبطن ، لأن قدرتنا على مواكبة الخطر السياسي والاجتماعي في مهب الرياح مع حكومات منزوعة الدسم ، و الآثار المترتبة على التغير التكنولوجي العالمي الذي نحن جزء منه يعتمد على أذكى عقول اردنية مغيبة و مهمشة لاسباب اقليمية جغرافية احيانا و فردية كيدية احيانا اخري ، و هو طرح يبحث عن جمع تلك العقول الذكية للتوصل الي حلول بارعة للمشاكل، من تغيير الخارطة السياسية إلى الاقتصادية بهدف الاستقرار.

لم نعد يفكر المواطن في أن “اردن” الماضي هو بلد آخر، للاسف مما سبق فقد أصبح الاردن الآن بوضعه الحالي بلد آخر غريب عن ابنائه الطيبين الغيورين علي مصلحة الوطن و استمراريته، رغم انه يجري في عروقهم دماء اجدادهم و اجداد اجدادهم الاطهار ملتحفين بترابه و شمسه و جباله ووديانه، و ما نشئوا عليه من حب الوطن و التضحية لاجله.

لكن هناك بعض حكومات جل اهتمامها “ تعرية المواطن من انتمائه و من ثيابه ومن كل ما يملك” ، حكومات اجندتها مواطن نصف انتماء و نصف حنين و نصف وطنية بعيدا عن قضايا الوطن ،

مواطن معزولا و مستعبدا في “مزرعة حكومية” تنهب كل شيء بلا حساب. لذا لا مفر من اللجوء الي عالم افتراضي في الشبكة العنكوبتية لمخاطبة العالم دون قيود عندما تفشل مؤسسات الدولة في ايجاد صيغة تخاطب لحل الامور العالقة و هو ما يجعل الاردن “عاريا “ بيد الحكومة و افعالها.

aftoukan@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. عزيزي الكاتب المحترم، انت تعرف تماناً من هو سبب المصائب و لماذا يقوم بذلك… أرجو ان تريحنا من تحلالتك ………………….

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى