لا تتفاءلوا كثيراً ! / م . عبد الكريم أبو زنيمة

لا تتفاءلوا كثيراً !

خلال الأيام الماضية عَبَّرَ الشارع الأُردني عَن سَخطهِ على السياسات الحكومية عبر عقودٍ من الزمن أوصلت الأوضاع العامة إلى ما وصلت إليه من مديونية عالية وتردي عام في كافة المجالات وبروز وهيمنة طبقة سياسية فاسدة تتحكم في مفاصل الدولة بما يحقق مصالحها وينمي ثرواتها ومكنوزاتها المالية على حساب المواطن البسيط ولقمة عيشهِ.
أمام الضغط الشعبي تَمت إقالة الحكومة التي أمعنت وتَفننت في نهبِ جيوب المواطنين دون وازعٍ أخلاقي أو أي حسٍ بالمسؤولية، تلك الحكومة التي لم تُكلف نَفسها عناء التَّفكير في أية مصادر بديلة لتوفيرِ احتياجاتها للأموال لسد العجز المُتراكم في الموازنة، حتى أنَّها لم تُفكر في تخفيضِ نفقاتها أو في انتهاج سياسة التقشف، بل اعتمدت على نهب جيوب المواطنين
تم تكليف السيد عمر الرزاز وهوالمشهود لهُ بالكفاءة والنَّزاهة فهل سينجح في إصلاح ما أفسده الدهر؟ للإجابة عن هذا السؤال يتعين علينا التَّمعن في البيئة التي سيعمل بها الرئيس المكلف، فعلى الصعيد الخارجي، أدارت دول الخليج ظهرها للاردن وتوقفت عَن تقديمِ المُساعدات المالية باملاءاتٍ أمريكية وإسرائيلة لعدمِ انخراط الأُردن في مشروعِ صفقةِ القرن، أما داخلياً فالجميع بات يعرف أنَّ الروافد المالية للخزينة تمت خصخصتها وبيعها بأبخسِ الاثمان ” البوتاس، الاسمنت ، الاتصالات…الخ “، وعلاوةً على ما سبق، هُناك جهات تحول دون اتخاذ وتنفيذ قرارات مصيرية اذا تعارضت المصالح .
قد يُحقق الرئيس في بيئة العمل هذه إنجاز هنا أو هناك، لكنه لن يستطيع تحقيق نهضة تنموية شاملة ولن يحقق طموحات وآمال الشارع الاردني الذي تظاهر دفاعاً عن حقوقه المشروعة.
في ظل غياب دولة القانون والمؤسسات، وبلا فصلٍ حقيقي للسلطات وبلا دستور أساسه أنَّ الشعب مصدر السلطات، لن يستطيع أياً كان إحداث أي تغيير جوهري، فطوال عقودٍ مِن الزمن تغنت كل حكوماتنا السابقة بالديمقراطية والعدالة والنزاهة لنكتشف أنَّ هذه الموشحات ما هي إلا غطاء للفساد ومؤسساته .
الإصلاح الحقيقي لا يحتاج الى اجتهاد وأوراق عمل وأوراق نقاشية بل يحتاج إلى إرادة حقيقية للتغيير ولإصلاح الدستور وتسييد القانون وتفعيل الحياة السياسية والديمقراطية وتفعيل أجهزة الرقابة والمحاسبة وفصل حقيقي للسلطات، عندها ستتحقق التَّنمية والازدهار والرفاهية والعدالة وتكافؤ الفرص وبخلاف ذلك فلا تتفاءلوا كثيراً.
aboznemah@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى