تحرير الشعوب قبل تحرير الأوطان

تحرير الشعوب قبل تحرير الأوطان
م. محمود عبيد

في كل يوم و في كل مناسبة نرفع شعار نريد تحرير اوطاننا و لكن السؤال الذي يطرح نفسه دائما” ماذا قدمنا و ماذا فعلنا من اجل ان نحرر الأوطان, ما هي اولوياتنا هل هي تحرير الشعوب ام تحرير الأوطان. لا تقنعني ان النفوس و الأرواح و الأفكار المستعمرة بالجبن و الخوف و الذليلة لقيادات و خونة المستعمرين قادرة على تحرير الأوطان من مغتصبيها و من الفساد و الخونة و قادرة على استعادة الأراضي و الحقوق المغتصبة . فالأرض المحتلة يحررها الأحرار وليس عبدة الأنظمة و صبيتها و زبانيتها المتامرين على حقوق الشعوب و المتحالفين مع المغتصبين و المستعمرين و يتقاضوا ثمن خياناتهم و عمالتهم بان منحوا عروش هشة فحرية الأوطان تبدأ من التحرر من الثقافات و الأفكار البالية و من الخونة و المستبدينو عملاء الأستعمار و التحرر من العصبية و القبلية و الجهوية و الطائفية و الأرتقاء بفكرنا و علمنا و ثقافتنا الى صفوف الأنسانية السامية على الشعوب لتحرر اوطانها ان تتحرر من قيود الخوف، والشعور بمعاني العزة والكرامة الأنسانية التي كفلها الله خالقها لها على الأرض فالعبودية لله فقط و ليس لحاكم او مستبد او مستعمر او مغتصب فالله اولا” و الوطن ثانيا” و الشعوب الحرة ثالثا”, فمن يملك الإرادة، ومن يملك الشعور بالمسؤولية، ومن يملك القدرة على المبادرة قادر على التحرر، ومن يملك أدوات الإبداع. فلا نتوقع لمن فقد كرامته و عزته و حريته و سلبت حقوقه الأنسانية و سكن الخوف من الانظمة المستبدة قلبه ان يتمكن من استعادة الأرض وكرامة الأمة ، وليس تحرير الأرض مرتبطا بانسان يائس من الحياة، وإنما بِحُرّ يريد ان يتحرر من قيود الخنوع و الأنقياد خلف قيادات تريد لهم ان يبقوا عبيدا” لقراراتهم المتفردة و لدكتاتوريتهم و عنجهيتهم و تفردهم بالسلطة و نظامهم الأمني الذي يتم تمويله من مقدرات الشعوب حماية لعروشهم و تنفيذا” لمخططات فسادهم و سطوتهم على حرية الشعوب قبل مقدراتها فالأوطان بحاجة لشعوب تريد صناعة حياة جديدة لها ولأمتها بعيدا” عن الفساد و الخيانة.

علينا ان نتحرر من الأنظمة التي كيَّفت لنفسها شرعيات شعبية غير حقيقية و مزورة و مما زرعته هذه القيادات من فرقة طائفية و قبلية و عرقية حتى تتمكن من السيطرة على الشعوب تحت شعار فرق تسد ، و هي التي ظلت و ما زالت تصر على نفاقها و شعاراتها الكاذبة المزينة بحرصها على الأوطان و الشعوب و على المصالح القومية و الوطنية و دماء الأبرياء المخلصين تسيل من افواههم و معتقلاتهم ملئة بالأحرار الذين يصدحون بكلمة الحق التي لا تناسبهم و لا تناسب انانيتهم و عنجههيتهم, لقد سئمت الشعوب من من شعارات تحرير الأرض والمقدسات، في الوقت الذي تضخمت ثروات الزعماء، وتجمعت حولهم عصابات من الفاسدين والانتهازيين، وقامت بتحويل الأوطان و الشعوب الى املاك خاصة لهم و لعائلاتهم يتوارثوها و يتصرفوا بها كيفما شائوا و يطلقوا عليها اسمائهم كانهم هم من جادوا عليها من مالهم الخاص دون الأخذ بعين الأعتبار ارادة الشعوب الأسيرة في اقفاص الذل و الهوان، ونخر الفساد الأوطان و لا ترى الشعوب حولها سوى مجموعة من مصاصي الدماء و لصوص الأوطان و العروش، تحميهم سياط الأجهزة الأمنية.

اعتقد حان الوقت ان نتوقف عن الهتاف ليلا” نهارا” لزعامات الذل و الهوان و تمجيدهم و تاليههم و باننا نرغب بتحرير تحرير الأراضي المغتصبة من قبل العدو المغتصب و من قبل قيادات و جيوش العروش التي دمرت الأوطان و هي من وقفت على اطلال حضارتها فلن نتمكن من تحرير شبر واحد قبل ان نحرر انفسنا كشعوب من انانيتنا و من خوفنا و من كراهيتنا و حقدنا و طائفيتنا و عصبيتنا و قبل ان نؤمن بحقوقنا الأنسانية و حريتنا التي كفلها لنا خالقنا عندما اورثنا هذه الأرض لنعمرها و ليس لمن استعبدونا من زعماء الذل و الخيانة منة علينا.

مقالات ذات صلة

عندما نتحرر من كل شوائب ثقافة الخوف و الذل و الهوان و نرفع شعار العزة و الكرامة نستطيع ان نرفع الصوت عاليا” باننا نريد ان نحرر ما اغتصب من اوطاننا و ارضنا و سيهابنا عدونا اما عكس ذلك سوف نبقى اذلاء خانعين خاضعين لأرادة المجتمع الدولي و بيادقهم الذين يحكمون اوطاننا. فاستقلال الأوطان و تحريرها لن يتحقق الا بتحرير الشعوب و استقلالها فالقيادات في مجملها لا تمثل الا نفسها و مصالحها و لا تمثل الشعوب و انما تمثل اسيادها و زبانيتها. اما حان الوقت لنتحرر من خوفنا و جبننا و من اعلاء كلمة الحق في وجه كل ظالم غاصب لحقوقنا و حقوق ابنائنا فرط بارضنا و سمائنا و مقدراتنا و استبد بقراراته و فتاويه التي دمرت المنظومة السياسية, الأقتصادية و الأجتماعية و تعامل مع الشعب كمجموعة من الرعاع التي تقوم على خدمة مزرعته و اهدافه و رغبات عائلته دون ان يكون هناك حر شريف يقف في وجه حكام العروش ليقول كلمة حق خوفا” من سياط من استاجروهم لحماية عروشهم و خدمة مصالحهم و عندما ينتهي دور صبية العروش يتم الألقاء بهم في مزابلهم او ايداعهم على رفوف التاريخ الصدئة بعد ان يكونوا قد تلطخوا بعار خيانة الأوطان و الشعوب لمصلحة اسيادهم الذين سيرموا بهم في نهاية المطاف.

لقد حاولت بعض الشعوب التحرر و لكن القوى العكسية المضادة كانت لهم بالمرصاد و كان الثمن غاليا” تهجير الشعوب و تدمير البنية الأنسانية , الأجتماعية, الحضارية و الثقافية و السبب الثورة على القيادات الديكتاتورية قبل ان تقوم الشعوب بالتحرر من عصبيتها و قبليتها و طائفيتها و عرقيتها و الأرتقاء بمصلحة الوطن عاليا” على حساب المصالح الشخصية و الأطماع القيادية. اعتقد اننا بحاجة الى اجيال مثقفة فكريا” حتى نستطيع ان نزرع بذرة التحرر في نفوسهم بعيدا” عن الأنانية و حب التسلط و الخوف و الأرتقاء بمصلحة المجتمع و الوطن على المصالح الشخصية و الأنية.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى