تحت الضوء

تحت الضوء
د. هاشم غرايبه

عملية التخريب الأخيرة التي جرت في منشأة “نطنز” النووية الإيرانية، اعتبرت خطيرة لأن العبث في المنشآت النووية قد يؤدي أحيانا الى تفاقمات بالغة الضرر، ومن الصعب تحديد نطاق تأثيرها.
لم يستوقف ذلك الغرب، فالمنطقة تعج بالمسلمين، فخطورة تطوير أسلحة تعادل الردع النووي الذي يعتقدون أنه الحامي لكيانهم اللقيط، أهم كثيرا.
في كل الأعمال التخريبية والاغتيالات الهادفة الى إعاقة الأمة الإسلامية عن امتلاك القدرات النووية، يتم دائما توجيه أصابع الاتهام الى الموساد، لكن الحقيقة أن هنالك تضخيم ومبالغة إعلامية في قدراته الأسطورية، للتعتيم على الدور الغربي فيها، فلا يمكن لعملاء الموساد مهما بلغ تغلغلهم لوحدهم القيام بهذا العمل المعقد.
رغم العدد الكبير من التجارب القاسية، لم نتعلم حقيقة أن الغرب لن يسمح لقطر إسلامي بامتلاك التكنولوجيا.
لم يكن مفاعل تموز العراقي أولها حينما عول “صدام حسين” على شركات فنلندية في بناء هذا المفاعل، انتظروا الى حين تسلموا المبالغ الباهظة، ثم تم تفجيره من داخله، وغطوا ذلك بقيام ثماني طائرات تابعة للكيان اللقيط بقصفه، لكن الحقيقة التي لم تعلن خجلا من التقصير الفظيع آنذاك، هي أنه لا يمكن لقلب المحول العميق أن يدمر بقصف جوي، بل لا بد من نسفه من الداخل.
تم السكوت عن هذا الأمر كونه يدين النظام العربي برمته، كما يكشف غفلته أو تغافله أو اختراقه من العمق، فهل تم تدارك ذلك؟.
الإجابة الأليمة: كلا، بل ما زالت الأمور تسير وفق المنوال ذاته.
لقد ساهم النظام العربي الحديث بفساده وقمعه للحريات، بدور طارد للعقول الى الغرب، والذين لم يتمكن الغرب من تسخيرهم لخدمتها، وأصروا على العمل في بلادهم، وخشوا أن يحدثوا التقدم النووي للمسلمين، تمت تصفيتهم.
مما يثبت أن التآمر أو على الأقل التخاذل كان فاضحا من الأنظمة العربية، أنها لم تحقق في أية حادثة، ولم تطالب الدول التي جرى الإغتيال على أرضها بالتحقيق بل تكتمت على القضية.
في استعراض موجز لأهم اغتيالات علماء من العالم الإسلامي، وقيدت الجريمة ضد مجهول، والذين كان آخرهم مدير المشروع النووي الإيراني “محسن زاده” عام 2020، لكن سبقه كثيرون أذكر منهم:

  • علي مصطفى مشرفه: لقب بأينشتاين العرب لعبقريته، اذ نال شهادتي دكتوراة من بريطانيا وكان لامعا عالميا في بحوثه في الاليكترون ومات في ظروف غامضة عام 1950 .
  • سميرة موسى: عالمة الذرة المصرية ومؤسسة هيئة الطاقة الذرية المصرية، بعد اكمالها الدكتوراة في امريكا واجرائها ابحاث عن انشطار الذرة بطريقة غير مكلفة عرض عليها البقاء والعمل في أمريكا فرفضت، وقبل عودتها الى مصر اغتيلت بحادث سيارة مدبر عام 1952 .
  • يحيى المشد: عالم مصري في الهندسة النووية، رفض التجنيس والعمل في الترويج واختار العراق، وبدأ العمل لتأسيس مفاعل نووي تم الإتفاق مع فرنسا لتوريده، لكنه تعرض للتفجير أثناء ذلك ثم أرسل آخر وتم تدميره قبل وصوله العراق، وفي المرة الثالثة ذهب الى باريس لاستلامه وهنالك اغتيل في الفندق عام 1980.
  • سعيد السيد بدير ، عالم الهندسة الإليكترونية المصري اغتيل عام 1989 في الإسكندرية، كان عالما بارزا في هندسة الصواريخ، ويعتبر الثالث في ترتيبه بين أكبر ثلاثة عشر عالم.
    بعد أن توقفت أبحاث العلماء العرب النووية، انتقلت الإغتيالات الى الساحة الإيرانية التي شهدت توجها جادا لامتلاك تقنية الطاقة النووية.
  • ففي عام 2010 اغتيل “مجيد شهرياري” أمام منزله في طهران، وهو عالم في فيزياء الجسيمات.
  • وفي عام 2011 اغتيل “داريوس رضائي نجاد”: هو عالم متخصص في المفاعلات النووية، وله بحوث في الصوارخ الموجهة
  • وفي عام 2012 اغتيل “مصطفى أحمدي روشن” بقنبلة وضعت تحت سيارته، وهو عالم كيمياء خبير في انتقال الغازات خلال الأغشية البوليمرية التي تعتمد عليها عملية تخصيب اليورانيوم المشع، وكان مشرفا على قسم في منشأة “نطنز” في محافظة أصفهان.
    هؤلاء ليسوا كل العلماء الذين تم اغتيالهم، بل اخترت فقط أهم من كانت لهم علاقة ببحوث الطاقة النووية.
    أكثر ما يؤلم أنه ما كانت لتنجح كل تلك العمليات لولا (التنسيق الأمني) الذي ترتبط به أنظمتنا مع الغرب .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى