براويز صائمة

#براويز_صائمة..

خاص #سواليف

ككل #الأمهات في #رمضان تدخل #أم_ناصر مطبخها بُعيد العصر ، تستحضر الطناجر المقلوبة ، تجمع الأطباق المتكئة على الجدار كمقاومٍ مطارد ، ترّتب الأكواب التي لم تمسّ الا واحداً ، تفتح الثلاجة مرتين أو ثلاثة ، ترّدد السؤال من جديد: ” ها يمّه شو بتحبّوا تفطروا”..؟..ها..ليش ما بتردّوا يمّه..انتو شباب ولازم تاكلوا وتقووا حالكوا ولا كيف!!..ثم تطلق زفرة كغيمة من دموع..
(عبد المنعم يمّه..أعملك سمبسوك؟..لكن الصمت يترك الجواب في صدرها..خلص والله غير أعملك..تحدّث نفسها: ناصر يا بعد أمه بحب شوربة الخضار..ونصر بحب المقلوبة..شريف بحبش المقلوبة بحب المسّخن..محمد وجهاد أي شي بياكلوا الله يرضى عليهم)..اتفقوا على طبخة يمّه قبل ما أبلّش..!!..
**
تذكرون تلك الإعرابية التي كانت تطهو الحصى حتى ينام صغارها بعد صراخ الجوع..”ام ناصر أبو حميد” تطهو حصى الأيام حتى ينام قلبها بعد صراخ الشوق لأولادها الستّة ..فوق النار ، تحرّك الملعقة الخشبية عكس عقارب الساعة علّها ترجعهم أطفالاً في حضنها ، يلعبون في حوش الدار ، يتذمّرون من قرصات جوع رمضان ، يتسابقون لتخبئة القطايف النيئة والجوز المكسّر..يرفعون جلد الأصابع وجفاف الشفتين لإثبات الصيام ،وهي تضحك على المبارزة في قوة الإيمان والصمود…
عند الغروب ، تُجلس أم ناصر أبو حميد براويز أولادها على كراسي المائدة “عبد المنعم على رأس المائدة لأنه شهيد”..أما الأسرى فهم حولي “ناصر على يميني ونصر على يساري .شريف قرب النافذة ليسمع الأذان..محمد قرب ناصر..وجهاد على كتف نصر”…تسكّب الأطباق للبراويز الصائمة..تضع الملاعق أمام كل صورة..ومع “الله أكبر” ترتشف دمعها الساخن بملعقة الوحدة…تنظر في العيون الباردة ، تقسم الخبز للأولاد الغائبين ، تلوك لقيماتها ببطء..تنفض يديها من طحين الطقوس اليومية… ثم تعيد الأطباق الى تلك الطنجرة ، وتعيد الأشواق الى ذلك القلب..
تمر نسمة ريح خفيفة من النافذة ، تتحرك بعض البراويز الصائمة..تنتبه الأم..فينعكس الضوء على ابتسامة أحدهم..تبتسم فترضى..
أنها أم ناصر أبو حميد..انها فلسطين..

#أحمد_حسن_الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى