الدَّعم الخليجيّ / سلامة الدرعاوي

الدَّعم الخليجيّ

نعم الاردن بحاجة الى المساعدات الخارجيّة خاصة من كبار المانحين والدول الصديقة التي تعهدت في اكثر من مؤتمر لدعم صموده في مواجهة تداعيات الأزمة الإقليميّة والسياسيّة في المنطقة

هُناك من يُقلل من أهمية الدَّعم المالي الخَليجيّ الأخير للمملكة، وانه لا يتناسبُ مع حجم التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطنيّ الذي هو بأمس الحَاجةِ إلى دعمٍ اِستثنائيّ.

لاشكَ أنَ الدَّعمَ الخليجيّ الأخير له أهميةٌ اقتصاديّة وسياسيّة هامة بالنسبةِ للأُردن خاصة في هذه المرحلةِ تحديداً التي يَشعُرُ بها المواطن، أن المملكة تَتَعرضُ لِمؤامرةٍ إقليميّة دوليّة، وان الاردن يَدفعُ ثمَنَ مواقفهِ السياسيّة في المنطقة.

من الناحيةِ السياسيّة يأتي الدَّعمُ الخليجيّ المالي ليؤكد أن الاردن مازالَ أصدقائه يقفون وراءه في مُختلفِ الظروف، وانه ليسَ وحيداً في مواجهةِ الضغوط المُختلفة التي يتعرض لها، لِيُنهي بذلك الشائعات التي تَنخُرُ دائماً في العلاقاتِ الاردنية الخليجيّة، وتحاول في كل الأوقات الاصطياد بالماءِ العَكر لإحداث شرخ فيها.

اقتصاديّا، المُساعداتُ الخليجيّة لها أهمية بالغة، فَهُناكَ اكثر من مليار دولار وديعة في البنك المركزيّ، أهميتها سَتُسَاهِم في تعزيز احتياطات المملكة من العُملات الأجنبية، وبالتالي الاستمرار في حفظِ قوةِ سعر صرف الدينار، وهذا امرٌ مُهِم للغاية في هذا الوقت تحديداً لأنه منذ ثلاثة أعوام تقريباً، والشائعات الداخلية والخارجيّة في آن واحد تُحاول ان تنسج الأفكار الهدامة عن العملة لتقليلِ ثِقَةِ الشّارع والمستثمر معاً بعملته الوطنيّة، وبالتالي باقتصاده الوطنيَ.

الدَّعم الخليجيّ سَيوفر ضَمانات قروض للحكومة الاردنية بقيمة ٦٠٠مليون دولار، وهذا امر له أهميةُ بالنسبةِ لجهود الحكومة في إعادة جدولة جزء من مديونيتها الخارجيّة ذات أسعار الفائدة المُرتَفَعة بأخرى قروض ذات فائدة مُيسرة، أيّ انه سَيُساهم في دعم احلال القروض مُيسرة بأخرى مرتفعة، وسيساهم في وضع حدً اولا لنمو الدين الخارجيّ من جهة، وتخفيضُ خدمة الدين من جهةٍ اخرى، علما ان الاخيرة يبلغ ١.٠٧ مليار دينار سنويا.

حتى الدَّعم السنويّ من إعلان مكة والموجه للخزينة والبالغ تقريبا ٥٠٠ مليون دولار على مدار خمس سنوات، هو يشكّل ما يُقارب ٣٥ بالمئة من اجمالي المشاريع الرأسماليّة الجديدة في قانونِ الموازنة العامة، وبالتالي تستطيع الحكومة ومن خلال تبويب حقيقي ومنظم للمشاريع المُدرجة ان تُعظم الاستفادة من هذه المنحة السنوية وتجعل القيمة الضافة عالية على الاقتصاد الوطنيّ بِواسطة الاختيار المناسب والسليم للمشاريع الممولة.

قيمة الدًّعم لا يهم بقدرِ حصافة ادارة المُساعدات، فالكل يتذكر ان الاردن حصل على ما يقارب ٣.٦ مليار دينار منحة خليجيّة لمدة خمس سنوات ، كانت للأسف نتائجها المالية المباشرة على الاقتصاد شبه مَعدومة، فكل هذه الأموال لم تُساهم ابداً برفع النمو الاقتصاديّ، ولم توقف المديونية ولا الاقتراض الخارجيّ او حتى الداخليّ او حتى الحد منه، بالعكس مع كل المساعدات الخارجيّة التي حَصَلت عليها الحكومات في فترة ٢٠١٢-٢٠١٨ ارتفع الدين والعجز وتراجعت الإنتاجيّة والصادرات والاستثمار، وانخفض النمو، ولا اعلم حقيقة كيف سيكون الوضع لو لم تكن هناك منحة خليجيّة في هذا الوقت الذي أيضا انخفضت أسعار النفط لأكثر من ٧٠ بالمئة.

نعم الاردن بحاجة الى المساعدات الخارجيّة خاصة من كبار المانحين والدول الصديقة التي تعهدت في اكثر من مؤتمر لدعم صموده في مواجهة تداعيات الأزمة الإقليميّة والسياسيّة في المنطقة، لكن في النهاية على الجميع ان يتذكر ان اولويات خطة تحفيز الاقتصاد الوطني حسب قانون الموازنة هو زيادة الاعتماد على الذات وليس على الآخرين الذين لولا منحهم خاصة الخليجيّة لكن الاقتصاد الوطني في خبر كان.

Salamah.darawi@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى