فاهم يا عمي فاهم / رائد عبدالرحمن حجازي

فاهم يا عمي فاهم
سالم يطلب من إبنه جميل الذهاب اولاً لدار الدُكنجي عبدالله ليستعير الدابة (الكديش) من عنده , ومن ثم يتوجه لدار المختار مثقال ليستعير لوح الدراس … طبعاً هذا الترتيب المكاني والزماني لم يطلبه سالم من إبنه عبثاً , وإنما كان الهدف منه التخفيف على ولده جميل كي يأخذ الدابة اولاً لتساعده في نقل اللوح … فيقول سالم لإبنه جميل فاهم يابا يا جميل ؟ ليجيبه جميل قائلاً : فاهم يابا فاهم .

طرقات قوية على بوابة دار المختار مثقال وكأنها حِجارة تسقُط من السماء, تَعّوذَ مثقال من الشيطان وهو يصيح : من هو هاظ ؟ ليسمع الإجابة : هاظ أني يا عمي . فقال مثقال : عمى اللي يعميك كسرت الخويخة منهو إنت ؟ فأجابه الطارق: أني جميل صاحب محسن … إبن سالم يا عمي … يتمتم المختار وهو يقترب من البوابة قائلاً: ولك جميل أبو الستشن اي طوّل بالك هو هيتش اللي بدق على ابواب الناس فعلاً إنك دعيمة . (طبعاً جميل ذو جثة ضخمة وفهمه على قد حاله , ونمرة رجله 47 والباقي عندكوا ).

يفتح مثقال البوابة مُستفسراً من جميل : هااااا … وشو بدك على هالصُبحيات ؟ أجاب جميل: بسلم عليك أبوي وبحتشيلك بدو تعيرنا لوح الدّراس مشان نُدرس هالقمحات .فقال مثقال : وبعدين معاكوا ما بدكوش تجيبوا لوح ونخلص من هالسولافة عاد ! فأجابه جميل : والله يا عمي دايما بحتشي لأبوي هاظ الحتشي , وبحتشيلي من وين بدي الاقي لوح احسن منك …. فضحك مثقال وقال : والله إنو أبوك صادق … ودخلك خيوه انت بتقدر تزم اللوح لحالك ؟ فيقول جميل : اه مهو خفيف وبعدين هاظا اني بدي امر على دار الإقطم تا أوخظ الكديش من عنده … فيقول مثقال : الله يتمم صحتك عليك على كل حال عموه هظاك لوح الدراس بحد باب الخان , فوت وأُخظه بس إسمع تا احتشي لك مش تِرجعه بلا حجار … ابوي يا جميل الحجر إللي بقع بترتشب غيره فاهم ؟ فيجيبه جميل : فاهم يا عمي فاهم .

(طبعاً جميل لم يلتزم بوصية والده بالنسبة للترتيب المكاني والزماني)

مقالات ذات صلة

إنطلق جميل كالريشة وهو يجر اللوح خلفهُ وأمام دار الدُكنجي عبد الله وضع اللوح جانباً وطرقَ الباب كالعادة … فخرج عبد الله وهو يقول خوف الله إنك جميل إبن سالم الدعدورة ؟ فأجابه جميل من وراء الباب صحيح يا عمي شلون عرفتني ؟ فقال عبد الله : عرفتك من مجاحشتك للباب … وأردفَ مستفسراً وشّو بدك ؟ فقال جميل : بسلم عليك أبوي وبحتشيلك بدو تعيرنا الكديش مشان نُدرس هالقمحات . فقال عبد الله : الله يسامحهُ ابوك عنده واحد مثل حتشايتك وبدور عكديش … فتبسم جميل وقال : الله يبارك فيك يا عمي . فضحك عبد الله الإقطم وقال : فوت أُخظه من الخان بس إسمع تا اقولك بتحتشي لأبوك خلّي يُعلفه مليح ويِكرمُه مش تِرجعوه فاطس من الجوع والعطش , وظلاعه بنعدن بالواحد …. فاهم ؟ فأجاب جميل فاهم يا عمي فاهم .

ركِب جميل على الكديش وإنطلق جاراً خلفهُ لوح الدراس تاركاً خلفه سحابة من الغُبار متوجهاً للبيدر لتبدأ عملية درّاس القمح .

قد يكون جميل فهمه محدود وينعته البعض ببعض الألقاب … إلا أنه يُنفذ ما يُطلب منه دون تردد .

للأسف هذه الأيام نرى بعض الأبناء وكل إهتمامهم ينصب على تزييت رؤوسهم وإرتداء البناطيل ذات الخصر الماصع وربما يصل الأمر للتشبه بالنساء مثل الجدايل والخراخيش وتعاطي المخدرات والعياذ بالله . ولا يُلبوا ما يطلبه الأهل منهم , بل على العكس هم من يريدون من أهلهم أن يُلبوا طلباتهم .

هدى الله شبابنا لما فيه الخير والطاعة وجنبهم الفتن ما ظهر منها وما بطن .

رائد عبد الرحمن محمد حجازي
Untitled

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى