ما مصير الحريري؟

سواليف

على وقع الهدوء الذي يخيم على لبنان بعد زلزال الاستقالة التي تقدم بها رئيس الوزراء سعد الحريري، لم ينه ظهور الرئيس المستقيل مرتين منذ السبت الماضي جدل مصيره في لبنان، بين من يؤكد أنه يخضع لإقامة جبرية في الرياض، ومن ينفي ذلك جملة وتفصيلا.

فبعد استقبال الملك سلمان بن عبد العزيز للحريري أمس الاثنين، وما رافق ذلك من أخبار عن إطلاع الملك للحريري على تفاصيل استهداف بلاده من قبل حزب الله اللبناني، ظهر الحريري مجددا إلى جانب ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد في لقاء استمر لوقت قصير.

الحريري الذي باتت أخبار تحركاته تحظى ببثها كأخبار عاجلة من قبل وكالات الأنباء ووسائل الإعلام المختلفة، غادر أبو ظبي إلى البحرين حسب مكتبه، لكن رويترز عادت ونقلت عن مكتب الحريري أن رئيس الوزراء اللبناني عاد إلى الرياض، في مشهد بدا مرتبكا ويلخص جزءا من الجدل على مصير رئيس الحكومة اللبنانية المستقيل.

فانتقال الحريري إلى أبو ظبي حليفة الرياض، ثم إلى البحرين قبل النفي، زاد من حجم الجدل اللبناني إزاء مصير الرجل، لاسيما أن هناك من ذهب إلى اعتبار أن الحريري يتنقل بطائرة أشبه “بالسجن” بين دول تضمنها الرياض وتضمن عودة الرجل إليها منها.

إقامة جبرية

وقبل ذلك كانت صحيفة “الأخبار” اللبنانية المقربة من حزب الله قد نقلت عن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أن “الحريري قد يكون خاضعا للإقامة الجبرية”، وهو التصريح الذي مر عليه يومان تقريبا دون أن ينفيه السيسي أو بري مباشرة أو عبر مصادر مقربة منهما.

وبين الجد والهزل، واصل اللبنانيون تناقل الأخبار والإشاعات عن مصير الرئيس، بينما استمرت وسائل إعلام لبنانية الانشغال بمصير الحريري، لدرجة أن بعضها قال إن الاتصالات معه انقطعت حتى عن عائلته التي لا تزال تمارس الصمت لليوم الرابع بعد الاستقالة.

وبينما ينتظر اللبنانيون عودة الحريري وتوضيحاته، جاءت هذه التصريحات من الوزير السعودي ثامر السبهان الذي نفى أن تكون بلاده أجبرت الحريري على تقديم الاستقالة، وأرسل رسائل للبنان بدا أن بيروت فضلت حتى الآن عدم الرد عليها التزاما بأجواء التهدئة التي دعا لها الرئيس ميشال عون.

وقد أشاد عون في لقاء جمعه في قصر بعبدا بوزراء وقيادات سياسية وأمنية أمس الاثنين؛ بالتزام القيادات اللبنانية بالتهدئة التي قال إنها تعزز الاستقرار الأمني والوحدة الوطنية.

تناقضات لبنانية

وفي المشهد اللبناني الذي تعوّد على التعايش مع التناقضات السياسية، لا يزال عون -الذي وصلته استقالة الحريري مسجلة عبر شاشة قناة العربية السعودية- ينتظر لقاء الحريري أو الاتصال به على الأقل، ليقرر بعد ذلك الخطوة التالية التي سيتخذها بشأن مصير الحكومة التي باتت في مهب الريح.

ويعتبر سياسيون لبنانيون أن الهدوء الذي خيم على كلمة الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أول أمس الأحد قد ساهم نوعا ما في حالة الهدوء التي يعيشها لبنان منذ زلزال الاستقالة، حيث اعتبر نصر الله قرار الاستقالة “سعوديا”، كما دعا كافة الأطراف إلى الهدوء وعدم الخروج إلى الشارع.

وعبّر فريق الحريري السياسي عن ثقته بأن رئيس الوزراء المستقيل سيعود “قريبا” إلى لبنان. جاء ذلك على لسان رئيس كتلة المستقبل البرلمانية فؤاد السنيورة، كما صرح بذلك وزير الداخلية نهاد المشنوق في ختام اجتماع أمني عقد صباح اليوم الثلاثاء.

وتبدو الخيارات المطروحة في بيروت اليوم تقوم أساسا على رفض البحث في تشكيل حكومة جديدة.

سيناريوهات الحل

وهذه اللغة تحدث بها نبيه بري بعد لقائه الرئيس عون أمس الاثنين، واعتبر أن الحديث عن تشكيل حكومة جديدة بعيد جدا، وهي ذات الأجواء التي خرج بها رئيس الوزراء الأسبق نجيب ميقاتي اليوم، الذي نقل عن عون أنه سيتريث في إجراء مشاورات نيابية.

وتتجه أنظار اللبنانيين إلى بيت الحريري وسط حديث عن أن هناك مطالبات بأن يخلف سعد الحريري في رئاسة الحكومة إما عمته النائبة بهية الحريري أو نجلها نادر مدير مكتب رئيس الوزراء المستقيل.

كما أن هناك من يتحدث عن سيناريو تشكيل “حكومة انتخابات” تكون مهمتها الأساسية عقد الانتخابات النيابية المقررة العام المقبل، وهذا السيناريو يرى مراقبون أنه قد يجعل الحريري يواجه حزب الله متحررا من منصب رئيس الحكومة.

والسيناريو المستبعد وفق مراقبين هو أن يذهب فريق 8 آذار لتشكيل حكومة منفردا، وهو ما قد يفجر الأوضاع ويرسل رسائل تصعيد إلى الرياض، وربما يدفع الأمور نحو حرب إقليمية يكون لبنان ساحتها الرئيسية.

لكن هذه السيناريوهات والتحركات لا يبدو أنها رهينة توافق اللبنانيين وحدهم، بل تحتاج كعادة بيروت إلى تصديق عواصم إقليمية ودولية، على رأسها هنا الرياض وطهران.

(المصدر: الجزيرة)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى