معاناة / د . حسين عبيدات

قبل أيام كنت في دائرة الاحوال المدنية لتجديد البطاقة الشخصية وانتظرت دوري في عملية التبصيم للايدي والعين وكنت اراقب عن كثب فشل الناس وخاصة كبار السن منهم في الحصول على بصمة العين وتكرار المحاولة مرات كثيرة واستوقفتني سيدة اتعبها تكرار المحاولة لدرجة أن الموظف قال ان عليها ان تغير لون العصابة التي ترتديها على راسها الامر الذي جعل زوجها يستشيط غضبا ويطلق شتى أنواع الشتائم بحق المسئولين على ما عاناه هو وزوجته منذ الصباح لاتمام هذه المعاملة.
وهنا تبادر لذهني سؤال يتعلق بحصول العجزة ومن لديهم اعاقات جسدية على تلك البطاقة، لان ايصالهم الى الدائرة أمر وتبصيمهم وبصمة العين أمر آخر.
في الماضي كان يمكن للابن او الابنة استصدار بطاقة لهذه الفئة من الاشخاص، اما الان فقد غدا الامر مستحيلا ولن يكون بمقدور هذه الفئة من المجتمع المرور بتلك الاجراءات العقيمة والمريرة.
ونوعية الاجهزة المستخدمة توحي اليك انها صناعة من الدرجة العاشرة مع ان احد المسئولين قال لي ان هذه الاجهزة كلفت خزينة الدولة 35 مليون دينار وانا في قرارة نفسي اجزم انها لا تستحق 10% من هذا المبلغ. علما ان اجهزة بصمة العين هدية للدائرة وليست من ضمن الثمن.
لقد شاهدنا في مطارات العديد من دول العالم أجهزة حديثة لبصمة العين تأخذ بصمة العين وأنت مقبل عليها دون حاجة للموظف ان يسألك شيئا، فلماذا عندنا ندفع هذه المبالغ الخيالية ونحصل على هذه الخردة؟
لكن الأسوأ لما يأتي بعد وهي كاميرا التصوير التي تفاجئك بصورة مشوهة تصلح لإخافة الاطفال ما يلبث صاحبها أن يخفيها حتى لا يراها أحد. وعند استلام البطاقة عليك ان تبصم وتدخل رقما سريا ستكون بحاجة اليه في المستقبل. الموظفون في كثير من الأحيان أخذوا زمام المبادرة ووضعوا تاريخ ميلاد صاحب البطاقة رقما سريا تفاديا للتأخير.
لقد أعجبتني هذه السرية كثيرا. وعندما استلمت بطاقتي وجدت أن صورتي فيها تشبه صور المطلوبين للعدالة في المراكز الامنية . ذهبت الى المدير لأسئله عن هذا التصوير ووجدت عنده فتاة تبكي لأن الصورة التي على بطاقتها صورة مشوهة فقال لها وما الذي يضمن لك الا يكون البديل أسوأ. قلت له ” ألحمد لله أننا لا نسافر للخارج بهذه البطاقة وإلا أصبح الشعب الاردني كله فارا من وجه العدالة”.
ألا من يتقي الله في هذا البلد وحمى الله الاردن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى