اليُتم المعاصر عندما تفقد هاتفك الخلوي؟.

اليُتم المعاصر عندما تفقد هاتفك الخلوي؟.
ا.د حسين محادين.
(1)
هاتفي الخلوي/ الفضائي اليوم، ليس هاتفا تقليدي الحضور ،بطيء الحركة، موصل ومحاط بأسلاك تشبه خيوط الملابس في ثقوب الروح والقماش للمُتصليٌن معا، كما هو الهاتف الأرضي القديم الذي كنت تتلوى وانت تتحسب بأن يزبط اتصالك مع المقابل الذي تريده دون غيره تحديدا، ودون الحاجة لوسطاء يوصلونك له بحثا عن خصوصية ما اثناء اتصالكما وتواصلكما المرهِق لحواسك في ذات الوقت.
(2)
هاتفي #الخلوي المعاصر آسر لي بعد ان استعمر شجرة حواسي طوعا، فغدا رقمه موازيا لأسمي، ومكان سكني، ومضمون هويتي وبيت اسراري، ومضامين عضويتي في هذا العالم الافتراضي الجديد الذي أصبح بحدود كف يدي
كيف لا،،؟وخلويٌ وحده الذي أصبح بمعارفة المتجددة والهائلة اقوى وأكثر سيطرة مني على إيقاع الحياة كأنسان،إذ لم يعُد يعتد بالأماكن الأرضية ومسمياتها كما كان أجدادي بالسابق ؛وان احتفظ بها في أحشائه كأم رؤوم بها عبر تطبيق لحظي التفاعل والتوجيه للخرائط يريحك من الحفظ والتذكر لها اصلا، لقد حررك ايضا حتى من سؤال او استجداء الأخرين عن العناوين التي تقصد الوصول اليها في كل بلدان العالم.
خلويك لم يعد يأبه بصعوبة حفظك لارقام واسماء الإناث/الرجال اللذان ترغب/ي في حفظها عفيفة كما هي ، او ان تزورها أن شئت وبكامل حريتك كي لا يُفتضح امر تغييرك لحقيقة الاسماء الخاصة جدا بكما ذات نغمة أو ذات ظهور مفاجىء لك على سطح شاشة هاتفك وسط عيون الفضوليين من حولك في لمة سهرة ما.
(3)
أن تكون حاملا لهاتف خلوي حتى وإن كان,لا رصيد فيه فأنت/تِ تشعر بالأمان النسبي عبر اكتفاء هاتفك الجائع من قِلة شحنه بالنت منحك احساسا ما ان بوسعك تلقي الاتصالات من آخرين فيحقق لك مثل هذا العزاء الضامر بعد أن فقدت تواصلك مع الاخرين.
(4)
أن تفقد هاتفك الخلوي يعني احساسك باليتم المعاصر الذي تجاوز في حقائقه المعلومة الجديدة معاني ومضامين فقدك التاريخي لاعزاء عليك ايّ من الوالدين أو كلاهما، او اي الصديقات أو الاصدقاء ، وحتى اي من الصور والرسائل الحميمة الخاصة بكل وهجها، و معهما أن شئت شطحاتك في الكتابة الرعناء احيانا عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، وفي أحيان أخرى حزنك على فقدك لصديقات عابرات للجغرافيا وللغتك الأم، سبق وأن تعرفت إليهن عبر احدى السهرات الالكترونية والفضول معا وتعاهدتما أن تتقابلا يوم ما في الحقبة أو الاشتهاء، أو ان تبقيا على تواصل بصري في الحد الأدنى لرغبتكما في السريّة والتواطىء المشترك بينكما.
(5)
اخيرا..
#هاتفي_الخلوي أصبح ظلي الجديد نهارا، ومؤنسي المفضل ليلا.. هو ذاكرتي الأمينة الصامتة الصابرة بحياد محبب لي اكثر من اهلي واصدقائي على كل هفواتي ونجاحاتي المخزونة به و الشاهد عليها منذ ان اقترنا انا وهاتفي الخلوي بعهد التواصل وحفظ الأسرة بيننا..يا الله كم مدهش هذا اليتم المعاصر الذي انتابني منذ ان فقدتك في لحظة وجع ما .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى