‘دكاكين’ القطاع الخاص / سلامة الدرعاوي

‘دكاكين’ القطاع الخاص
القطاع الخاص في الأردن ليس بحال أفضل من القطاع العام؛ من حيث التشتت، فالأخير يتضمن مؤسسات وهيئات اقتصادية لا تتناسب أبدا مع الوضع الاقتصادي والاستثماري لدولة صغيرة المساحة ومحدودة الامكانات وتعتمد بشكل متزايد على المساعدات الخارجية مثل الاردن.
هناك هيئة الاستثمار والمناطق التنموية والمناطق الحرة والمدن الصناعية والعقبة الخاصة والمجلس الاقتصادي وغيرها من عشرات المؤسسات الاقتصادية الرسمية التي تحتار الدولة في كثير من الأحيان باختيار ممثليها في الوفود الرسمية.
الحال ليس بأفضل في القطاع الخاص، فمن يصدق أن في كل محافظة بالاردن غرفة تجارية، وفوقهم غرفة تجارة الاردن، وهناك ثلاث غرف للصناعة وفوقها غرفة صناعة الأردن، ودولة مثل ألمانيا تعد رابع اقتصاد في العالم لديه اتحاد لغرف الصناعة والتجارة.
الأمر لم يقتصر على المؤسسات السابقة، فهناك جمعيات رجال الاعمال والمصدرين ومستثمري سحاب وشرق سحاب وماركا والموقر والبلاستيك والاقمسة والالبسة والمواد الغذائية والمطاعم الشعبية واخرى سياحية وادلاء السياحة وحافلات السياحة ومكاتب السياحة، وعشرات الجمعيات والمؤسسات التي تنتسب في النهاية إما لغرف التجارة أو الصناعة.
آخر صرعات القطاع الخاص في تفريخ المؤسسات والجمعيات ما ظهر قبل أسابيع قليلة؛ وهو إعلان ما يسمى بمجلس الهيئات الاقتصادية من قبل مجموعة من الجمعيات والمؤسسات الاهلية، تبعتها النقابات المهنية باعلان تشكيل اتحاد نقابات أصحاب العمل.
هذا هو مشهد القطاع الخاص في المملكة، مشهد مؤلم ومحزن في آن واحد، ففي الوقت الذي يفرض فيه المنطق أن تقوم تلك المؤسسات بإعادة تقييم تجربتها في العمل الاقتصادي، ومن ثم توحيد هيئاتها تحت مظلة واحدة على اقل تقدير، نجدها تعمل بالعكس، تتفرخ يوما بعد يوم مؤسسات جديدة من رحم مؤسسات قائمة، ما يزيد من تفسخ القطاع الخاص وشرذمته.
الانقسام الحاصل في مؤسسات القطاع الخاص يلبي أهواء الحكومة التي لا ترغب أبدا برؤية قطاع خاص موحد، فلو كان كذلك لما استطاعات الحكومة أن تفرض وجهة نظرها أحادية الجانب في الكثير من القرارات والاجراءات والتشريعات الاقتصادية التي آذت القطاع الخاص اقتصاديا وألحقت به خسائر كبيرة في بعض الأحيان، وأثرت على استمرارية مشاريعه في البعض الآخر.
غالبية المؤسسات التي جرى تفريخها في القطاع الخاص هي عبارة “دكاكين” لشخصيات معينة، ترغب “بالبرستيج” أكثر منه لصالح العمل العام، فهي تنظر لكراسي تلك الجمعيات والهيئات باعتبارها الوسيلة الاسرع والاسهل لحجز مقعد بجانب رئيس الوزراء أو وزير ما، أو أن يكون ضمن وفد رسمي.
للأسف، نتحدث عن إصلاح القطاع العام باستمرار، ونغفل عن الاختلالات التي تدور في مؤسسات القطاع الخاص، الذي باتت بعض مؤسساته العريقة حائرة في أمر هذه “الدكاكين” التي بات لها مروجون.
Salamah.darawi@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى