اليرموك؛ من مشروع وطني واعد إلى “رجل التعليم العالي المريض”

د.عبدالحكيم الحسبان
 
لم أعتد في كتاباتي أن أخوض في الشأن الخاص وفي المساحات التي تنتمي إلى ما هو شخصي أو حتى فردي فينا، إذ أنني أحرص حد الهوس على التمييز بين تلك المساحات في شخوصنا التي تنتمي إلى الفضاء العام والتي هي ملك للجماعة والدولة أكثر مما هي ملك لنا، وبين تلك المساحات الشخصية التي تنتمي لذاتنا ولشخصنا، وهي تتسع أو تضيق وفقا لتطور مفهوم المواطنة والمؤسسات المنتجة له في هذا المجتمع أو ذلك، ووفقا لدرجة وعينا الذاتي والشخصي بمساحة حريتنا وبمستوى مواطنيتنا وإنسانيتنا.
 والحال، فأنني في هذه المقالة تحديدا سوف أبدا بالشخصي كي يكون بوابة للولوج إلى أكثر مساحات الشأن العام اتساعا وامتدادا، ويتعلق الأمر هنا بالتعليم العالي الأردني وتحديدا الجامعة الأردنية الثانية من حيث تراتبية تاريخ التأسيس، وأعداد الطلبة كما أعداد الكادر التدريسي والوظيفي؛ أي جامعة اليرموك. ففي العام 1993، كنت قد أنهيت للتو مسيرة دراسية طويلة في جامعة اليرموك؛ البكالوريوس في الآداب، والماجستير في الانثروبولوجيا الاجتماعية. وفي مرحلتي الدراسة هاتين، كان أدائي الدراسي متميزا، ففي مرحلة البكالوريوس حظيت ولعدة مرات في أن أكون ضمن قائمة الشرف الفصلية في كلية الآداب، وفي دراسة الماجستير كان ترتيبي الأول في الدفعة التي التي كانت طالبا ضمنها. وفور  تخرجي في العام 1993 وقع الاختيار علي، كي أحصل على منحة دراسية مدتها خمسة أعوام للحصول على درجة الدكتوراه وتعلم اللغة الفرنسية.  
ولأنني غادرت جامعة اليرموك حينها، وقد تملكتني القناعة أنني أمام مشروع علمي واكاديمي ووطني كبير, وأن اليرموك ستكون هي المستقبل المهني كما الحياتي الواعد، كما ستكون هي الحلم القادم، إذ عشت فيها لحظات البدايات والانطلاقة الواعدة، كما لحظات التفتح والنمو للجامعة ومساحاتها، كما لحظات التفتح في شخصيتي ومؤهلاتي. فكان القرار هو أن فرنسا والغرب هما مجرد محطة للدارسة والتعلم والتثقف وصقل النفس والشخصية، وليس للإقامة والاستقرار, بالرغم من ذلك الكم الكبير من التوافق بين توجهاتي الفكرية الشخصية وتلك العناصر الحضارية والثقافية في بلاد الغرب وتحديدا فرنسا، التي تملك تراثا فلسفيا وفكريا وحضاريا أحمل له قدرا هائلا من الاحترام والاعجاب، بل وحتى الامتنان. وعليه، فلم أفكر مطلقا في مشروع مستقبلي شخصي هناك يبدأ بالدكتوراه وينتهي بالحصول على جواز سفر فرنسي أوروبي يمثل بالنسبة لكثيرين حلما غاليا وعزيزا على النفس، أو هو بمثابة “أفضل بطاقة يانصيب يمكن للمرء أن يفوز بها في حياته”، كما يقول أستاذنا الكبير د.عبدالرزاق بني هاني على لسان أحد شخوص روايته الأثيرة.
في الدافعية وراء القرار الذي اتخذته في أن تكون جامعة اليرموك هي المقر وهي المستقر، وهي المستقبل وهي السلم للصعود في المهنة وفي الحياة، كانت هناك جامعة قد تأسست للتو بقرار ملكي من الملك  الراحل الحسين حينها. وفي سنوات قصيرة ولان صانع القرار قدم حينها كل عناصر الدعم والرعاية للجامعة الفتية، فقد كانت الجامعة بمثابة ورشة بناء علمية ووطنية كبيرة. ففي اليرموك، كان الكادر التدريسي كما الجسم الطلابي متعدد الثقافات والجنسيات، وكانت الجامعة أشبه بأمم متحدة مصغرة وسط بساتين الزيتون التي كانت تملكها عائلات إربد الموقرة. وكانت تكفي نظرة سريعة لاسماء أساتذة الجامعة ، كما لطلبتها كي ترى أسماء هندية وبريطانية وامريكية وهولندية وعراقية وجزائرية وسوريه.
وفي أروقة كليات الجامعة, وفي شوارعها وقاعات تدريسها توافرت مختبرات علمية، كما توافرت مختبرات ثقافية حقيقية، وحيث وفرت الجامعة فرصا واقعية يومية للاحتكاك والتثاقف بين الطلبة القادمين من بيئات قروية ريفية وبدوية، واخرين قادمين من بيئات حضرية ومدينية كالقدس ونابلس وعمان وحيفا ويافا. وفي اليرموك وفي قاعات تدريسها كنت تجد كل شركاء الوطن وقد اجتمعوا، وقد اتاحت لهم قاعات اليرموك أن يعرفوا بعضهم البعض، وأن يتحدثوا إلى بعضهم البعض. فأبناء المدن البعيدة كالطفيلة والكرك ومعان القادمين للدراسة في مدينة إربد، عرفوا المدينة وسكانها، كما عرفهم سكانها من خلال ما اتاحته الجامعة من فرصة للتلاقح والتثاقف بين مكونات الوطن الواحد.
 وعلى صعيد مجتمع محافظة إربد وشمال الاردن، الذي كان حينها ما زالت تسيطر عليه بنى تقليدية ريفية وبدوية محافظة، فقد كان دور الجامعة تحديثيا وثوريا. فالجامعة التي واجهها مجتمع محافظة إربد حينها بالرفض والتحفظ، وكان شعور بما يشبه العار يمس كل من يفكر بإرسال ابنته الى الجامعة، غيرته الجامعة وصار التعليم لدى سكان المحافظة قيمة ثقافية واجتماعية كبيرة، وبحيث صار الأب يبيع قطعة أرض، كان بيعها بمثابة عار يمس بالعرض، كي يقوم بتدريس أبنته التي كان يرى العار في الماضي في ذهابها للجامعة.
ولسنين طويلة، ظلت الجامعة مصنعا للعلم والمتعلمين وللكوادر والموارد البشرية المؤهلة، كما ظلت الجامعة ومن يديرونها يبحثون عن أفضل العقول العلمية في كل أصقاع الأرض كي يتم استقطابهم وتحفيزهم للعمل فيها. ما زلت أحفظ بعض أسماء أفضل العقول العلمية في العالم  التي حرصت إدارات اليرموك السابقة على تحفيزها واستقدامها إما للعمل في الجامعة، أو لالقاء محاضرات علمية وثقافية فيها. فأسماء أعلام في العلم والثقافة والإنسانيات من قبيل علي نايفة، وفاروق الباز، وعبدالواحد لؤلؤة، وكمال أبو ديب، وستناي شامي، ومارثا مندي والمفكر الفرنسي روجيه غارودي وعالم الانثروبولوجيا الشهير كلود مياسووه، تظهر بين قوائم العلماء والمشاهير الذي كانت تحرص إدارات الجامعة على استقطابهم وتوفير منابر لهم كي يتحدثوا من خلالها، وكي ينصت أهل إربد وطلبة الجامعة لما يقوله هؤلاء المبدعون من عليها.
وبالإضافة إلى كل هذا الناتج وتلك القيمة المضافة التي نجحت إدارات الجامعة المتعاقبة كما صانع القرار في الدولة من ورائهم في تسجيلها، كان هناك من إدارات الجامعة من عمل على مراكمة حقوق للعاملين وللطلبة فيها، كما بذل جهدا طويلا ومضن على مدى عقود من أجل ضمان الموارد المالية إن كان لتطوير الموارد البشرية، إو لتحديث البيئة التعليمية، أو لتطوير بيئة البحث العلمي، أو لتحسين أوضاع العاملين وبما يمنع تسرب الكفاءات والعقول إلى الجوار القريب والبعيد وحيث جامعات الخليج لا تبعد كثيرا عن الأردن، وهي تدفع أضعاف أضعاف ما يمكن لصانع القرار الأردني أن يدفعه.
 وبعد ثلاثة عقود تقريبا من النمو والصعود بل والاندفاعة الكبيرة، تغير المشهد اليرموكي، وبدأت رحلة التراجع والأفول، ولا أبالغ إذا قلت رحلة الموت المحتم الذي باتت الجامعة على مسافة أمتار قليلة منه.
ففي المشهد اليرموكي الذي بتنا نعيشه في السنوات الأربع أو الخمس الأخيرة، تراكمت كل تلك التفاصيل التي تقول لنا أن هناك حالة خاصة داخل النظام الجامعي الأردني أسمها حالة “جامعة اليرموك” ، وأقولها والقلب يعتصر ألما أن هذه الحالة هي حالة “مرضية” بامتياز. فالتفاصيل التي تعيشها اليرموك منذ سنين جعلت من جامعة اليرموك، جامعة لا تشبه نفسها ولا تشبه تاريخها، بل إنها حتى لا تشبه شقيقاتها من الجامعات الأردنيات الأخريات. ويكفي بذل جهد على مدى دقائق قليلة للبحث في المواقع الإخبارية، لكي تتيقن أن الجامعة التي تحظى بأكبر قدر من التغطية الإعلامية والخبرية السلبية هي جامعة اليرموك، ولا يعود السبب مطلقا إلى أن هناك توجها عاما لدى المؤسسات والنخب الإعلامية المهيمنة في البلاد هي في موقع المعادي أو المناوئ لجامعة اليرموك أو لقياداتها، بل أن السبب يعود إلى عوامل وظواهر موضوعية تراكمت وبات من اليسير رؤيتها وملاحظتها.
ففي التفاصيل الموضوعية التي تعيشها الجامعة منذ سنين عديدة، هناك تعاقب للرؤساء يشبه تعاقب الليل والنهار في سرعته، ولكنه لا يشبهه في تواتره وانتظامه. فلا يكاد العاملون في الجامعة ينامون وقد حفظوا اسم رئيس جامعتهم العتيد، حتى يفاجئهم صانع القرار في عمان برئيس جديد، عليهم أن يعتادوا حفظ اسمه مجددا، وغالبا ما يأتي هذا الرئيس من خارج التوقعات لمجتمع الجامعة ولمجتمع الإعلام، وحده صانع القرار هو الذي يعلم ويقرر. فعدد الرؤساء الذي تعاقبوا على مقعد الرئاسة في اليرموك خلال الأربع سنوات الأخيرة يزيد عن عدد الرؤساء الذين تعاقبوا على كرسي رئاسة جامعة العلوم والتكنولوجيا على مدى أكثر من ستة عشر عاما.
وفي تفاصيل المشهد اليرموكي الذي يكشف عن المرض والاعتلال وغياب العافية مديونية تضاعفت لثلاث مرات في أقل من أربع أو خمس سنوات، فالجامعة التي راكمت مديونية لم تتجاوز العشرين مليونا على مدى أكثر من خمس وثلاثين عاما من تأسيسها، تضاعفت مديونيتها لتقترب من حوالي الستين مليونا في اقل من خمس سنوات. ولان مديونية الجامعة باتت فلكية مقارنة بالجامعات الأردنية الأخرى ومقارنة بميزانية الجامعة نفسها, فان خدمة الدين في الجامعة باتت تستهلك مواردها، وباتت الميزانية تستهدف خدمة الدين وفوائده لا خدمة الجامعة والعاملين فيها وطلبتها والمجتمع المحلي المحيط بها.
وأما النتيجة أو النتائج البائسة على أرض اليرموك لهذه المديونية الهائلة وفي ظل تواتر وصول القيادات الجامعية المفتقرة للكفاءة والتي لا تجيد تعظيم الإيرادات وزيادتها، ولكنها تبرع كثيرا في الاقتطاع من النفقات إن كانت مخصصات للبحث العلمي، أو لتطوير البنية التحتية، أو لتطوير الكادر البشري. وفي الأشهر الأخيرة فقد أخذ صراخ اليرموكيين يعلو من كثرة تطاول مجلس الأمناء وإدارة الجامعة على حقوق العاملين في الجامعة. فحق عضو هيئة التدريس الذي كان مقدسا في الماضي في الحصول على تمويل صغير كي يشارك في مؤتمر علمي ولمرة واحدة في العام، بات ذكرى من الماضي المجيد للجامعة. وفي الأسابيع الأخيرة كثر الحديث عن محاولات للمساس بحقوق العاملين في مكافآت الفصل الصيفي وفي مكافأة نهاية الخدمة.
وفي تفاصيل المشهد اليرموكي الذي يجعل من اليرموك حالة خاصة، وتجعل من المشروع تماما الحديث عن ملف كبير واستثنائي اسمه “ملف جامعة اليرموك” والذي هو ملف لرجل ضعف وقد أعياه المرض. عاش اليرموكيون مرارة العيش في ظل من قذفتهم به بعض مراكز النفوذ في عمان كي تضع كل مصير جامعة اليرموك في يديه، كي يرقي من يشاء، ويعين مديرا من يشاء، ويسمي عميدا من يشاء، وكي يرهق ميزانية الجامعة بتعيين ما يزيد عن 400 شخص وفي ذروة ازمة الكورونا وحيث توقفت عجلة التوظيف عن العمل، وفق بدعة اسمها نظام الكارت، ولينتهي المطاف به في السجن إثر قضية مخدرات أصدر القضاء الاردني حكمه المبرم فيها قبل أيام.
وفي التفاصيل الحزينة والبائسة التي ترسم المشهد اليرموكي، علماء إجلاء خدم بعضهم الجامعة لما يزيد عن الثلاثين عاما برواتب تقل كثيرا عن نظيرتها كثيرا في دول الخليج، تقول تعليمات الجامعة أنهم يستحقون مكافأة نهاية الخدمة فور نهاية خدمتهم في الجامعة، باتوا يعاملون بكل العقوق، بل وبكل ما يمس  بقواعد اللياقة والاحترام بصلة، فأصبحوا مضطرين لاستجداء حقوقهم التي ترتبت على خدمتهم الطويلة والمضنية في أروقة الجامعة. أجزم أن التفاصيل اليومية التي يعيشها هؤلاء الزملاء الأفاضل الذين باتوا مضطرين للمراجعة اليومية في مكاتب الجامعة ودوائرها من أجل الحصول على حقوقهم المالية تمثل فضيحة بل وجريمة مكتملة الأركان وبكل المقاييس، وبما يجعل الدم يغلي في العروق. كما وأجزم أنه وفي الكيفية التي يتم التعاطي بها مع من انهوا خدمتهم في الجامعة، باتت اليرموك تشكل حالة استثنائية بين أخواتها من الجامعات في الاردن.
وفي التفاصيل الموضوعية التي يمكن لأي كان أن يرصدها ويوثقها في اليرموك، انتهاك لأبجديات المنظومة التشريعية التي تحكم عمل الجامعة وإدارتها. ففي اليرموك، جرى منح جوائز مخصصة للباحثين في العلوم الإنسانية لمختصين في الفيزياء وفي الجيولوجيا. وفي اليرموك جرى الدوس على حق بعض الكليات في تولي من هو أكثر كفاءة لموقع العميد فيها، كي تستفيد الكلية والجامعة والوطن من الخبرات التي راكمها هذا الذي هو أكثر كفاءة، ليتم تعيين من هو أصغر سنا وأقل خبرة في الإدارة والبحث، وأقل غزارة في النشر والكتابة. حدث هذا وما زال يحدث في كليات كبيرة ومفصلية مثل كلية الحجاوي للهندسة، كما حدث في كلية الإعلام. وفي اليرموك جرى تعيين عمداء تقول سيرتهم الدراسية أنهم أمضوا ثلاثة عشر عاما في برنامج الدكتوراه ودون أن يدرسوا مساقا واحدا أثناء هذه السنين الطويلة، كما جرى تعيين عمداء ومدراء لمراكز حصلوا على عقوبات أكاديمية بسبب سرقات علمية. كما جرى تعيين عمداء سبق وأن نسب قسمهم الاكاديمي ومجلس كليتهم بعدم تثبيتهم نظرا لعدم أهليتهم المهنية والاكاديمية للعمل في الجامعة. كما جرى تعيين عمداء سبق لهم أن انخرطوا في حوادث ضرب واعتداء جسدي على زملائهم.
وفي حين أن مسارات الأمور في اليرموك تقول وبأعلى الصوت أن هناك جامعة مأزومة، وأن هناك ملفا كبيرا في التعليم العالي اسمه ملف جامعة اليرموك، وأن هناك طبقا يوميا دسما لوسائل الإعلام أسمه قضايا العاملين في جامعة اليرموك، فان صانع القرار يصر على التعاطي مع الجامعة وشؤونها بنفس الكيفية التي يتم التعامل بها مع مختلف الجامعات الأردنية، وكأن لا أزمة في الجامعة، وكأن لا مشكلة في الجامعة، وكأن لا مديونية، ولا فساد ولا احتقان في أوساط العاملين. بل إن جولة سريعة على موقع جامعة اليرموك الإخباري نفسه تعطي لك الانطباع بأن أحوال الجامعة تشبه تماما أحوال جامعة في مملكة فنلندا أو مملكة السويد، وحيث تهيمن التغطية الخبرية التي تتعلق بزيارات الوفود، ولقاءات السفراء، ويغيب عن الموقع أي مادة إعلامية تتصدى للأسئلة الكبرى ولمباعث القلق الكبرى لدى العاملين في الجامعة، ولدى الغيورين عليها.
ربما تكون الخطوة الأولى في محاولة علاج الملف لرجل التعليم العالي الأردني المريض، هو بالاعتراف من قبل أعلى مستويات القرار في الدولة، أن اليرموك باتت تمثل ملفا خاصا، وحالة استثنائية وملفا مستعجلا، وانه لا يمكن الاستمرار في اتخاذ القرارات المتعلقة بالجامعة بنفس الكيفية التي تتخذ بها القرارات المتعلقة بالجامعات الأخرى. وأجزم أن أم البدايات في الملف المسمى ملف جامعة اليرموك، يكمن في تشكيل لجنة تحقيق من كبار القامات العلمية والوطنية التي يمكن لها أن تجلي الحقيقة في الواقع الذي باتت تعيشه الجامعة اليوم، وفي المالات الحزينة التي وصلت اليها الجامعة هذه الأيام. فتشخيص مصادر المرض، هو خطوة لا مناص منها في محاولة علاجه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى