بحر البقر و الدقامسة / عبد الفتاح طوقان

بحر البقر و الدقامسة

منذُ ليالٍ خلتْ وقت ان افرج عن الجندي الاردني احمد الدقامسة بعد منتصف الليل ، المتهم بقتل سبع فتيات اسرائيليات استهزائن به عام ١٩٩٧وفكرة (موت ستون تلميذا مصريا في مدرسة بحر البقر بمدينة الشرقية عام ١٩٧٠عن طريق القصف بالفانتوم الاسرائيلي ) لا تبارح مخيلتي،

لكن الاسباب العارضة و غير المألوفة تحت بند معاهدة وادي عربة الاسرائيلية الاردنية المفروضة علي الاردن لمنع فرحه الشعب بخروج ابن الاردن البطل “احمد الدقامسة “من السجن بعد عشرين عاما يزيد من النقمة علي الحكومة الاردنية الحالية ، و يكثر من ضياعها ، و يلعب علي اوتار الحس الوطني لشعب اردنيا اصيل و قوات اردنية تحمل في اعماقها كراهيه مؤكده للمحتل و الغاصب لفلسطين ، قاتلت بفخر في معركة الكرامة و انتصرت.

الافراج عنه بعد منتصف الليل ،و عدم اصدار الحكومة اي بيان رسمي بالتفصيل عنه امر محزن في الوقت ان تناولت كافة المحطات الفضائية الامريكية و الاوروبية خبر الافراج عنه ضمن “ خبر عاجل و هام”.

مقالات ذات صلة

تعتبره الحكومة الاردنية قاتل ، او مجنون ، او ارهابي ، او رافض للامر العسكري بعدم التعرض للاسرائيايين هو شأئنها و ضمن ما يملي عليها ، لكن في وجدان الشعب الفلسطيني و الاردني هي اكبر من قصة خروج متهم و انهاء محكومية ، هي قصة صراع طويل مع “العدو الصهيوني “ الغاصب لفلسطين و المتحفز لابتلاع الاردن التي ارتمت الحكومة في احضانها و سلمت نفسها اليها عشقا سيؤدي الي نهاية غير محمودة العواقب.

الجريمة البشعة في مدرسة بحر البقر ، و قتل الابرياء من الاطفال بطائرات الفانتوم الاسرائيلية في ابريل من عام ١٩٧٠ جريمة لا يمكن نسيانها أو طمسها على مر التاريخ، و اقصد رغم أن الإسرائيليين مازالوا يقيمون متحفا ويحرصون على توريث أبنائهم محرقة “الهولوكست” التى قيل إن هلتر قام بحرق اليهود لإبادتهم، إلا أن الحكومة الاردنية الحالية تتفنن فى طمس تاريخ الصراع .

أن الجرائم الانسانية لا تسقط بالتقادم ، و خروج الجندي الدقامسة يذكر ايضا بمذبحة صبرا وشاتيلا التي نفذت في مخيمي صبرا وشاتيلا لللاجئين الفلسطينيين في 16 أيلول 1982، واستمرت لمدة ثلاثة أيام علي الجيش الإسرائيلي حيث بلغ عدد القتلي في المذبحة بين 750 و 3500 قتيل من الرجال والأطفال والنساء والشيوخ المدنيين العزل من السلاح.

ويذكر ايضا انه في 21 فبراير 1973 أقلعت طائرة الخطوط الجوية العربية الليبية الرحلة 114 من طراز بوينغ 727 من مطار طرابلس العالمي في طريقها إلى مطار القاهرة الدولي عبر مدينة بنغازي الليبية، و هي طائرة مدنية ، فاعترضتها طائرات عسكرية اسرائيلية و قصفتها بالصواريخ و قتلت كل من فيها و من ضمنهم الاعلامية الشهيرة سلوي حجازي التي كانت تقدم برامج للاطفال.

ليس هذا فقط و انما يذكر خروج الجندي احمد الدقامسة بعد انتهاء مدة محكوميته الشعب بمذابح ارتكبتها اسرائيل و منها مذبحة كفر قاسم ، و حيفا و بلد الشيخ و صفد و طنطورة و اللد و الرملة و جبل الكروم و عيلون و الحلة و جبل المواسي ، و غيرها اخيرا و ليس اخرا مذبحة دير ياسين و الاعداد بالمئات .

الحكومة لم تفرج عن الدقامسة ، بل خرج بانتهاء محكوميته التي امتدت عشرون عاما ، خرج ليذكر بخروجه في الظلام الدامس الذي تقصدته الحكومة ليضيء للجميع نورا يكشف المذابح التي ارتكبتها اسرائيل في حق تلاميذ مصريين و فلسطيين و لبنانين ، و لينضم الي زميله الجندي الجندي المصري الراحل سليمان خاطر الذي قتل 7 إسرائيليين في 1985، علي الحدود المصوية في سيناريو مشابهه.

سليمان خاطر سجن وقتل و قيل انه انتحر داخل السجن ، و بعد ست و عشرون عاما تظهر وثائق تشير الي أن “القتل تم بآوامر عليا “ في العهد الذي مضي ، وهنا تخوف من ان احمد الدقامسة قد يقتل ايضا ، لذا حذر النائب خليل عطية بذكاء من ذلك و طلب حمايته رسميا في جلسة مجلس النواب ، و هو امر واجب يحتاج الي وقفة.

الجنديان خاطر و الدقامسه رصاصات قاتلة في معاهدات الاستسلام و التنازل عن الحقوق و ضياع البلاد ، و يرفعن من معنويات الجنود و العسكريين .

٨ ابريل ٢٠١٧ سيعقد مؤتمرا كبيرا في مدينة الشرقية بمناسبة ذكري شهداء مدرسة بحر البقر ، ولعل تواجد الجندي احمد الدقامسة هناك سيخفف من الم الامهات المصريات و يزرع الامل في جيل جديد ، لذا علي الحكومة الا تقيد تحركاته و الا تمنع سفره و أن تؤمن له المشاركة و الحماية في هذا المؤتمر الذي يصادف الذكري ٤٧ لمذبحة قتلت فيها طائرات الفانتوم اطفالا ابرياء ، رحمهم الله ، برميها الف طن من القنابل الحارقة فتذكروا لعل تنفع الذكري…

مذابح اسرائيل في مدرسة بحر البقر تمت الساعة التاسعة و الثلث صباحا ، و الطائرة الليبية تمت الساعة العاشرة و النصف صباحا ، و دير ياسين و كل مذابح اسرائيل ارتكبت في وضح النهار ، و الافراج عن الجندي امد الدقامسة تم بعد منتصف الليل ، يعني ينطبق المثل “ علي مين يلي بترقص في العتمة ؟” ، من ماذا تخاف الحكومة و من تخشي ؟.

الدقامسة جندي اردني وطني ادي واجبه كما اداه سليمان خاطر ايها البقر…

aftoukan@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى