النمو العاطفي عند الطفل / رشا مقدادي

النمو العاطفي عند الطفل
“جاءت امرأة الى حكيم تسأله في أسس التربية الصحيحة, فسألها الحكيم متى ستتخذين قرار الحمل؟
فردت بدهشة: طفلي دخل عامه الرابع للتو! فأجاب الحكيم بأسف اذهبي يا ابنتي فلقد فات الأوان.”
لا أنوي من خلال اقتباسي لهذه الحكمة ان أصنع الإحباط في داخل كل ام أو أب حريص على تربية أبناءه تربية صحيحة. ولكنني أود أن أظهر لكم حرص الحكماء على أهمية التربية وبأن التربية لا تبدأ منذ الولادة كما نعتقد بل قبل الحمل. وهذا يشير الى أنه من الحكمة أن نستزيد علماً ونتناول أمر التربية بمنتهى الجد. فالتربية ليست على رأي المثل ( كسلق البيض ) بل هي خطة مدروسة ومشروع يجب على كل أم وأب أن يدرساه جيدا قبل البدء فيه.

في مقالتي هذه سألقي الضوء على موضوع في غاية الأهمية ألا وهو التطور العاطفي لدى الطفل ودوره المهم في تشكيل الجانب النفسي لديه. وما قد سيبنى عليه لاحقاً من احتمال إصابة الفرد باضطراب نفسي أو مرض نفسي في حال حدوث أي خلل في أي مرحلة من مراحل النمو العاطفي للطفل.
يقول إريك إريكسون وهو صاحب النظرية النفسية الإجتماعية للتطور:
” إن أي خلل يحدث في مراحل نمو الطفل يؤدي الى حدوث خلل في المرحلة التالية “. ومثال ذلك مرض الوسواس القهري الذي يعاني منه الكثير. فهل تعلم عزيزي القارئ أن سبب حدوثه هو خلل حصل مع صاحبه في مرحلة ( 1- 3 ) سنوات وهذه المرحلة تدعى بمرحلة الاستقلالية مقابل الشعور بالذنب و يكون الخلل في عدم اهتمام المربي في مساعدة الطفل على التحكم بوظائف جسمه بالشكل الصحيح.

يعتبر النمو العاطفي أمرا ذو أهمية لا تقل عن النمو الجسدي للطفل بل هي أهم لأن مراقبة النمو العاطفي للطفل أكثر صعوبة. فمن السهل على الوالدين مراقبة نمو طفلهما جسديا, وفي حال ملاحظتهما لأي خلل في الطول أو المشي مثلا يسرعان به إلى الطبيب لتعديل الخلل.
ولكن كيف يمكن لأحد الوالدين أن يدرك حدوث أي خلل في نمو طفله العاطفي الذي يعمل على التحكم بمشاعر الطفل و قدرته على الارتباط بالآخرين و تكوين علاقات ناجحة في الحياة الأسريه أو المدرسة أو الشريك مستقبلاً.

إن من أهم علامات النمو العاطفي هو إصرار الطفل على تنفيذ المهمات بنفسه,
وقدرة الطفل على التعريف بنفسه أمام الآخرين وإظهار رغبته في المساعدة,
أيضاً التقلبات المزاجية كإظهار الغضب عند عدم قدرته على ربط الحذاء بنفسه.
ولابد هنا من التأكيد على ضرورة الانتباه الى أن التقلبات المزاجية مختلفة عن الأمراض المزاجية كالاكتئاب والقلق . وهذه الأمراض في مرحلة الطفولة ستكون محور مقالتي القادمة بإذن الله.
ففي حين يوفر الوالدان الأطعمة اللازمة لمساعدة طفلهم على تحسين النمو الجسدي عندهم لا بد أيضاً من توفير المقومات التي تساعد الطفل على النمو العاطفي
ومثالها:
توفير تجارب اجتماعية للطفل و إعطاء الطفل الفرصة للتعبير عن نفسه .تنمية مهارات الحياة الأساسية لدية والتي تعنى بزراعة القيم والمبادئ عنده , إشراك الطفل في برامج التربية الشخصية والاجتماعية أو تصميمها له في حال عدم القدرة على ذلك بعد استشارة المعنيين في الأمر.
تسهيل مناقشة العديد من المواضيع المهمة كالصدق والأقران وقبول الآخر.
وهناك العديد من المدعمات الأخرى التي تساعد الطفل في نموه العاطفي بطريقه تجعل منه فرداً سويا في هذا المجتمع.
وأخيراً لنسترجع معاً مقولة الحكيم والتي تشير الى ضرورة تنمية قدراتنا كآباء في طرق وأساليب التربية الصحيحة والتي تساهم بشكل مهم في إصلاح المجتمع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى