لا “كوتا” للمتنقبات / عبدالرحيم الزعبي

لا “كوتا” للمتنقبات
سأبدأ المقالة باقتباس لبوست رفعه كاتب أردني على صفحته الشخصية، وستكون المقالة مجرد تعليق ساخر على البوست : “سبعُ مرشَّحاتٍ مٰنقَّبات للانتخابات النيابية العتيدة. قد يَكُونُ الرقمُ أزيدَ من ذلك فهذا إحصاءٌ سريعٌ، خلال مُشاهدتي القوائمَ وصورَ المُرشحين والمُرشّحات. سيكونُ فوزاً مؤزراً لثقافة العَوْرة، وللظلام العابرِ للحدود، إذا نجحت مٰنقّباتٌ في الوصول إلى البرلمان المقبل. ذلكَ يعني أنَّ نضال الأردنيات، غير المنقَّبات، خلال العقود الماضية، لتمكين المرأة وتأكيد حضورها ومشاركتها، وصولاً إلى “الكوتا” وزيادتها مرةً تلوَ مرّة انتهى إلى غرفةٍ صغيرةٍ عِنْدَ مدخلِ مجلس النوّاب، تجلسُ فيها موظفةٌ وشرطية، تتأكدان من هُويّة المرأة التي ستدخلُ إلى البرلمان، بعدَ الكشف عن وجهها، ثم تحلُّ “النائبةُ” تحتَ القُبَّة، وتطالبُ بفرضِ النقابِ في رياض الأطفال، وتحلُّ أيضاً على أيّ طفلةٍ صغيرةٍ في أيّ بيت، تراها نموذجاً لشكلِ المرأة وصورتها وحضورها. ستقولُ الأمُ لطفلتها، وهي تُقنعها بالنقاب قبل السابعة: شوفي يا حبيبتي ع التلفزيون المنقّبة كيفْ صارت نائبة وطن، ويمكن تصير وزيرة. تغادرُ الصغيرةُ فستانها وألعابها وجدائلها، وتذهبُ إلى الطاعةِ والعَوْرةِ والسواد، وتختفي، وتحلمُ بأنْ تكونَ نائبةً أخرى على التلفزيون. أقسمُ أنَّ البلادَ تذهبُ إلى النوائبِ والتعاويذِ والربع الخالي، وتنقصها خرزةٌ زرقاء.” …. انتهى الاقتباس
يحمل البوست الذي أورده الكاتب عن المرشحات المتنقبات أكثر من مغالطة منطقية، فهو يرى أن نضال النساء غير المتنقبات من أجل الكوتا قد راح سدى لأن امرأة متنقبة قد تصل إلى المجلس !! على هذا بوسعنا أن نفتت النضال النسوي لنيل الحقوق إلى نضالات أصغر بحسب زي المناضلات على النحو التالي:
1. نضال المتنقبات وهذا لا يحق لامرأة غير متنقبة أن تستفيد منه.
2. نضال لابسات الجلابيب وثماره خاصة وحصرية للابسات الجلابيب.
3. نضال المحجبات اللواتي يلبسن البناطيل والأقمصة وهذا الآخر لا يسعه أن يغطي غير سيدات هذه الفئة.
4. أما النضال الرابع والأخير فهو نضال غير المتحجبات وهو ملك خالص لهن لا يشاركهن فيه أحد.
على أن هذا التصنيف ليس نهائيا، فقد نواجه نساء يرتدين زيا لا يندرج تحت أي تصنيف مما ذكرنا، كما أن عالم اللباس والموضة والأزياء متغير، مما قد يضطرنا إلى تغيير التصنيف حسب قصات الموضة ومواسمها، وحلها إن كان بتقدر تحلها !! وعلى سبيل المثال لا الحصر طبعا، فإن بعض السيدات الأردنيات يلبسن العباءة تارة، والتي يمكن أن نلحقها بالجلباب، ويلبسن البنطال تارة فهل بالضرورة يلزمهن تصنيف خامس يضعهن بين التصنيفين مثلا !! يا إلهي الأمر ليس بالسهولة التي تصورت !!
وماذا عن النساء اللواتي تنقبن لفترة زمنية من حياتهن ثم كشفن عن وجوههن !! هل يمكننا أن نحسب نسبة سنوات النقاب في حياتهن لنحرمهن من نسبة من حقوقهن تتوازى مع النسبة الأولى !! يبدو الأمر شائكا ومعقدا !! ولكن لا عليك يا عزيزي فأنا مختص بعلم برمجة الحاسب، وقد أطور لك برمجية تساعدنا على حصر هذه النسب وحسابها. عفوا، أظن أن بعض الحقوق لا تتجزأ فلا أستطيع إدراجها في برمجيتي !! أعذرني يا صديقي، فقد خرج الأمر من يدي ويد العلوم التطبيقية التي تخصصت فيها، وسقط في فخ العلوم الإنسانية التي أغرق في شبر ماء من فلسفاتها !!
حسنا لا عليك يا صاحبي، سآخذ الموضوع من زاوية أخرى قد تروق لك بشكل أكبر، لكن زاويتك المفضلة قد توقعنا في صعوبات تنفيذية. فلو سلمنا بأن معظم أو حتى جميع النساء اللواتي يناضلن هن غير متنقبات، وبالتالي فمن حقهن أن يكن المستفيد الحصري والوحيد من النضال النسوي، فإن ذلك يعني بالضرورة المنطقية أن الاستفادة من قانون الخلع مثلا يجب أن تصبح حقا حصريا للسيدات غير المتنقبات. وبناء على ذلك فإن طلبت امرأة متنقبة الخلع عند القاضي فإنها ستنظر لمدة من الزمن حتى تخلع نقابها، لأن القانون لا يشملها !! فإن أرادت التمسك بنقابها، فإن عليها أن تنشىء جمعية نسائية جديدة للمطالبة بحق الخلع للمتنقبات !! فإن نجحت في تحصيل هذا الحق وجب عليها الاستئثار به لها وللمتنقبات فقط ومنع لابسات الجلابيب مثلا من الاستفادة من هذا القانون !!
لقد ناضلت السيدات الأردنيات غير المتنقبات، وقد قلت هنا غير المتنقبات للإبقاء على الفرض الذي يحبه الكاتب، ولمحاججته مع التسليم بالفرض الذي يحب، لقد ناضلت هذه السيدات لقضية المرأة عامة لا لقضايا خاصة بهن، فالسيدات اللواتي يناضلن في سبيل الخلع لسن بالضرورة يعشن تحت رحمة أزواجهن ولا يجدن للفكاك منهم سبيلا !! والسيدات اللواتي يخضن معركة حق الجنسية لأبناء الأردنيات لسن بالضرورة متزوجات من أجانب !!
سأكتفي بهذا القدر اليوم، وسأتناول اللهجة التحقيرية التي يتحدث بها الكاتب عن المتنقبات في مناسبة أخرى، وختاما أقول: ألن تتقوا الله في النساء ؟!! إنهن لسن قطع حلوى يجتمع عليها الذباب أن لم يتحجبن ولسن ظلاميات ومتخلفات ومكرهات وفاقدات للحرية أن تحجبن أو تنقبن !!
عبدالرحيم الزعبي
https://www.facebook.com/abdulraheem.alzubi

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى