كيف نعلم أبناءنا التدافع بانتظام؟ / سعيد ذياب سليم

كيف نعلم أبناءنا التدافع بانتظام؟
سعيد ذياب سليم

قبل نفاذ الكمية، هو الشعار الذي يتحكم في تصرفاتنا، سواء كنا في المخبز، أم في محل بيع اسطوانات الغاز، في يوم شتوي بارد، أم عند تقدم الطلبة المستجدين لامتحان المستوى.
هي ثقافة سائدة، سيطرت على سلوك طلبتنا، فتدافعوا للدخول إلى القاعة، في غياب تنظيم لائق، هم الذين تخرجوا من مدارسنا، حملوا معهم نتاج تعليمنا و مناهجنا، صراخ وبكاء وعويل يحركه الخوف، الذي يشترك في صنعه أسرنا و مدارسنا من خلال متغيرات عدة ساهمت في نسيج ثقافتنا.
في الوقت الذي يكون فيه دور المدرسة ، إعداد الطالب لمواجهة الحياة بشكل إيجابي، من خلال وضع أسس أكاديمية تعدّه للدراسة الجامعية، ومهنيا لسوق العمل، وأخلاقيا ليكون مواطنا صالحا، لينعكس ذلك على تصرفاته.
هل نجح معلمنا في ذلك؟ كيف وقد أصبحت ساحة المدرسة منصة للصراع و التنمر بين الطلبة ومعلميهم، تركت في عدد من الحالات، آثارا جسدية ، تدخّل فيها المجتمع بشكل سلبي، وأصبحت مادة للسخرية في مواقع التواصل الاجتماعي، صبغت العلاقة بين المعلم والطالب بالشك والريبة والخوف، بدلا من المشاركة العلمية والصداقة والاحترام المتبادل.
لما لا تتحلى القوانين المدرسية بسعة الصدر، في التعامل مع الطالب إذا كان مختلفا عمّا يطلبه منه روتين المدرسة، بين مواعيد الدوام، والالتزام بالزي و المظهر العام، في السن الذي يجد فيه الطالب نفسه في صراع مع عواطفه ونموه الجسماني، وبدء ثورته على أسرته ليعلن عن نفسه كشخص مختلف له قدراته الخاصة.
كيف ينعكس التفاعل بين إمكانيات الطالب و متطلبات الامتحانات العامة، ونتائجها، وشروط الحصول على المقعد الجامعي، وهو حق له، ألا يورثه ذلك التوتر و الخوف من فقدان حقوقه، فيقارب سلوكه قانون الغاب؟
يهدف امتحان المستوى، والذي بسببه تدافعت تلك الكتلة البشرية، لتحديد المواد التي على الطالب دراستها ، لتحسين لغته و أدواته التقنية، ترى ماذا أظهر ذلك الامتحان وكيف كانت مستويات طلبتنا العلمية؟ هل تشفع لهم أم تدينهم؟
هل الساعات الطويلة- التي يقضيها الطالب في الفضاء الافتراضي، لها دور في سلوكه غير الحضاري؟ يعيش متنقلا بين مواقع التواصل الاجتماعي، مستخدما شخصية وهمية، يمتلك بفضل الأجهزة الذكية تفوق غير بشري، فهو يختار أن يعزل أحدهم “Block” أو يخرجه من دائرة أصدقائه” Unfriend” ، وإن اختار المواجهة فغالبا ما يلجأ للهجوم، وكأنه بطل يلبس طاقية الإخفاء، فإذا انتقل للحياة الحقيقية، يفشل في التعامل مع الواقع، لا يستطيع التعبير عن ضيقه أو فرحته أو غضبه.
و دور الأسرة الغائب، فإذا خرجت إحدى الحمائم عن السرب، و أصبح لها عادات أخرى وخط طيار آخر، هل تتركها عفوية الأسرة ؟ أم تعيدها إلى برج الحمام، بإيضاح معنى الحرية والانتماء و الخلق الحسن؟ وإن كان لابد من التدافع فلنتدافع بانتظام.
سعيد ذياب سليم
Seen by Said Salim at Saturday 20:27

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى