البطاينة يكتب: الدولة العميقة في الاْردن وهم أم حقيقة؟

الدولة العميقة في الاْردن وهم أم حقيقة؟
المهندس سليم بطاينة

مصطلح جديد لم يكن له وجود في مؤسسات العلوم السياسية أو في القاموس السياسي الدولي !!! فقد فسره المؤرخ الامريكي Krik Kranden على أفضل ما يكون بأنه حكومة خفية تآمرية عميقة في أحشاء الدولة تُمثلُها مراكز قوى بعيدة عن الأعين ، تعمل ضد المصالح الوطنية وتكبح تطور. الدولة وتُقيدها وتسلب مواردها بشتى الوسائل ، وتُعرقل نمو المجتمع !!! فالكتابة عنها هي جراءة واستقصائية وغامرة وذكية.

فإذا عدنا للتاريخ لوجدنا أن بدايات تشكل الدولة العميقة كان في عهد الدولة العثمانية وفي عهد السلطان سليم الثالث في أوائل القرن التاسع عشر ، وكانت عبارة عن لجان سرية لا يعرف أحداً عنها شيئا حتى الصدر الأعظم وهو ما يعادل رءيس الوزراء في وقتنا هذا.
فمصطلح الدولة العميقة يتشابك مع مفاهيم اخرى في الادبيات السياسية مثل ( حكومة الظل أو الدولة الموازية ، أو دولة داخل دولة !!!!!!! فالدولة العميقة تتسم بالضبابية حيث تسير أمورها في غرف مغلقة بحيث لا يمكن لاحد رؤية من يتخذ القرارات ، أي بمعنى اخر أن هناك مؤسسات تُدير الدولة من الأسفل بعيداً عن سلطات الحكومة أو البرلمان ، ويجلسون خلف ستائر سوداء لا نعرفهم ولا نراهم بالعين المجردة.
فالدولة العميقة لا تملك خطابًا مُقنعاً للناس إلا تخويفهم على حياتهم اليومية !! فالقائمون عليها يعملون على نشر الدعاية لاثارة الخوف العام ؟ فتركيبة الدولة العميقة معقدة جداً ولا تترك مجالًا أو فضاءً سياسيًا أو اقتصاديًا أو إعلاميًا أو ثقافيًا إلا وغزته وأكتسحته !!! فالحكومات في الدول العميقة هي عبارة عن احجار شطرنج.
ومن مهام الدولة العميقة الرئيسية هي دراسة سيكولوجية الشعب للعمل على تغيب الوعي والعقل لدى الناس !! ومعرفة هل هذا الشعب عاطفي أم لا ؟ وهل يقبل بالفتات ويصبر ويتحمل ، ولديه الاستعداد للنفاق والتسحيج؟
فالشاعر العراقي ( جميل صدقي الزهاوي ١٨٦٣ – ١٩٣٦ ) وصف الدولة العميقة في ضل السلطان سليم بأبيات شعر قال فيها ( ما هي إلا دولة مستبدة …… تسوس بما يقضي هواها فتعمل ……. فترفع بالاعزاز من كان جاهلاً ……. ويخفض بالإذلال من كان يعقل ……… ومن كان فيها أولاً فهو أخر ……. ومن كان فيها اخراً فهو أول !!!!! ) انتهى الاقتباس . فالسؤال هل في الاْردن دولة عميقة تعمل في صمت وتقبع في الظل ؟؟؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى