المرأة والاستبصار برأيها

المرأة والاستبصار برأيها
ابراهيم حجازي

لم يكن من عادات العرب مشاورة النساء او الاستماع الى أرآئهن، فجاء الاسلام فأعطى للمرأة حقها ومستحقها من الاحترام والرأي والمشاورة وما مثل ما حصل بعد صلح الحديبية الا دليل قاطع على حسن رأي المرأة الذي بسببه كان الخلاص والحل لمشكله كاد المسلمون ان يهلكوا بسببها.
وتتلخص هذه القصة المعروفة انذاك برفض بنود صلح الحديبية لما احس المسلمون من خلالها من الذل والاهانه على ما هم عليه من الحق وعلى ما هم فيه من المنعة والقوه في ذلك الموقف. وأنهم ان وافقوا على بنود الصلح تلك فإنهم بذلك يعطوا الدنية في دينهم، وقد كانوا على اتم الاستعداد للموت والشهادة دفاعاً عن دينهم.
اصطلح النبي صلّى الله عليه وسلم مع سهيل بن عمرو وأمر الناس أن ينحروا هديهم الذي ساقوا، ويحلقوا رؤوسهم ويعودوا عامهم ذلك ليأتوا الى الحرم معتمرين في العام القادم كما نصت بنود الصلح.
حز ذلك في نفوس الصحابة واحزنهم واحسوا بالهوان والحرج حتى انهم لم يطيعوا امر الرسول الكريم بالتحلل والرجوع.
فدخل النبي الكريم الى خيمة زوجه ام سلمه فرأت على وجهه الكريم الهم والحيرة وهو يقول: هلك الناس. فقالت له زوجه: وما ذاك يا رسول الله؟ فقال : امرتهم ان ينحروا هديهم وأن يحلقوا رؤوسهم ويعودوا الى المدينة عامهم هذا، فلم يستجيبوا لي ولم يفعلوا ما امرتهم به، فأنا اخشى عليهم. فقالت له رضي الله عنها: يا رسول الله رفقا بهم، اخرج ولا تكلم منهم احدًا واعمد الى هديك فانحره، وأمر ( حلاقاً ) فليحلق رأسك، فخرج الرسول الكريم وفعل كما اشارت عليه زوجه فنحر وحلق، وما هي الا ان رأى الصحابة الرسول الكريم يفعل ما فعل حتى تسابقوا لنحرهديهم وتبادل كل رجلين الحلاقة حتى انتهوا. ففرح رسول الله صلّ الله عليه وسلم وسري عنه، ولم يكن ذلك الا بما اشارت تلك المرأة العظيمة ام سلمة رضوان الله عنها التي جاءت بالحل الذي نجى به الله الفئه المسلمة الاولى مع الحبيب محمد صلّ الله عليه وسلم.
ولعل من النوادروالطرائف في هذا الشأن ما ورد في سيرة ابن هشام من أن عامر بن (ظرب) بن عدوان العدواني، وكانت العرب تسند إليه الامور المهمة في القضاء، ثم يرضوا بما قضى لهم فيه. فاختصموا يومًا في رجل خنثى له ما للرجل وله ما للمرأة، فقالوا أنجعله رجلا ام امرأة؟ ولم يأتوه من قبل بأمر كان اعضل ولا اصعب منه فقال: امكثوا حتى انظر في امركم، فـوالله ما نزل بي مثل هذا، فبات ليال طويلة ساهرًا يقلب الأمور وينظر في شأن ما عرض عليه وكانت له جاريه تسمى سخيله ترعى عليه غنمه وإبله وكان يعاتبها اذا سرحت متأخرة، يقول لها صبّحت يا سخيله وإذا اراحت و رجعت يقول لها مسيّت يا سخيله.
فلما رأت سهره وقلة نومه وطول مكث الرجال عنده وهو ينحر لهم في كل يوم جزورا قالت له: مالك تكاد تهلك نفسك بالسهر ومالك بالنحر؟ فقال لها: ويحك دعيني، أمر ليس من شأنك. ثم عادت إليه بمثل قولها. فقال في نفسه عسى ان تأتي لما انا فيه بخير وفرج. فقال لها: ويحك اختصم لدي هؤلاء الرجال في ميراث ( خنثى )، أأجعله رجلا او امرأه، فوالله ما أدري ما أصنع وما يتوجه لي فيه وجه، فأنا كما ترين من السهر والحيرة.
فقالت له من فورها: سبحان الله : اتبع المال المبال. اقعده فإن بال من حيث يبول الرجل فهو رجل، وان بال من حيث تبول الأنثى فهي انثى.
فقال لها: مسي سخيل او صبحي، فرجتها والله، ثم خرج على الناس فقضى بالذي اشارت عليه به سخيله الجارية.
ولــــو أن النســـاء كمــــن فقدنـــا لفضلت النســـاء علـى الرجـال
فـــلا التأنيث لاسم الشمس عيــب ولا التذكيــــر فخـــر للهــــلال

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى