الكُرَة في مَلعبِ الحُكومة / سلامة الدرعاوي

الكُرَة في مَلعبِ الحُكومة

الحُكومة اليوم مُطالبة بِجُملة من الإجراءات التي توظف حالة الدعّم الخارجيّ إلى واقعٍ اقتصاديّ مَلموس على صعيدِ التشغيل والتوظيف وإطلاق المشاريع التنمويّة ذات الجدوى الاقتصاديّة.
لم يَعد للحكومة أيّة حِجج في التنصلِ من تنفيذ تَعهُّداتها والسير بخطوات إصلاحيّة داخليّة، فصندوق النقد الدوليّ اصدَرَ بيانه الإيجابيّ عن الاقتصاد الأردنيّ وأكد مواصلة دعمه للجهود التصحيحيّة التي تبذلها الحُكومات، والجديد في الأمر هذا، هو حث الصندوق للمجتمع الدوليّ لتقديم المِنح للمملكة بدل القروض لتجاوز تداعيات أزمة الإقليم التي ألقت بِثقلها على مُختلف مُكونات الاقتصاد الأردنيّ.
فالدعمُ الدوليّ للأردن موجود، والحقيقة انه لغاية الآن لم يتخلى المُجتمعُ الدوليّ عن تقديم المساعدات للمملكة تحت مُختلف الظروف، وأرقام المُساعدات والتي تلقاها الاقتصاد خلال السنوات الثمانية الأخيرة تتجاوز الـ12 مليار دولار، وبالرغم من ذلك بقيت الموازنات تُعاني من عجوزات وأعباء ماليّة كبيرة، جزءا كبيرا منها بسبب سوء الإدارة الاقتصاديّة الرسميّة للاقتصاد الوطنيّ.
فالخزينة تَلقت في السنوات الماضية مِنحة خليجية بقيمة 3.6 مليار دينار، تم إنفاقها بشكل عبثيّ لم يُحقق أيّ مردود اقتصاديّ تنمويّ في التشغيل والفقر وحتى الاستثمار، وبقيت مُعدّلات النُمُوّ الاقتصاديّ دون المُستهدف وحتى دون الإنفاق الماليّ الكبير الذي تَحققّ في السنوات الماضية، مما يثبت قَطعيّا سوء التخطيط الاستراتيجيّ والتنمويّ الذي اتبعته الحُكومات المُختلف، والدي أضاع على الأردن فرصته الذهبيّة باتجاه النُمُوّ الاقتصاديّ المُستدام.
حتى أسعار النفط العالميّة التي شكلت كابوسا حقيقيّا للاقتصاد في سنوات 2010-2014 ناهيك عن انقطاع الغاز المصريّ في تلك الفترات، ها هو النفط ينخفض مُنذ مُنتصف حزيران 2014 ولغاية الآن يشعر المواطن بإيجابيات الأسعار العالميّة نتيجة الرسوم والضرائب التي فُرضت على القطاع ناهيك عن اتفاقيات شراء الكهرباء طويلة المدى التي وقعتها الحُكومات المُختلفة بأسعار عالية جدا أضاعت هي الأخرى فرصة استفادة المواطنين من انخفاض للأسعار الراهن.
في لندن مؤخرا اجمع المانحون والمؤسسات الدوليّة على مُواصلة دعم الأردن في مواجهة مُختلف التحديات الاقتصاديّة الإقليميّة، وَحَصَلَ الأردن تقريبا على الذي أراده من المانحين بقروض مُيسرة ومنح للسنوات الخمس المقبلة، إضافة إلى الدعّم السياسيّ الواضح الذي تلقاه من كُلّ قادة المجتمع الدوليّ.
أذن الآن الكُرَة في مرمى الحُكومة لتوظيف هده الحالة الإيجابيّة الدوليّة لِدعّم الأردن من خلال برامج العمل الواقعيّة على كافة الأصعدة، فالحُكومة مُطالبة بتعزيز مفهوم الشراكة مع القطاع الخاص في المشاريع الاستثماريّة ذات الجدوى الحقيقيّة وإخراجها إلى حيز الوجود لأنه كُلّ ما حدث من دعّم دوليّ ومساعدات تلقتها الخزينة لا يمكن أن تُحقق أهدافها التنمويّة دون إطلاق مشاريع قادرة على التشغيل والتوظيف لِمُواجهة مُعدّلات البطالة التي الآن هي في اعلى مُستوياتها 18.7 بالمئة.
ما نريد قوله في النهاية أن الحُكومة ليس لها أعذار كما كُنا نسمع سابقا أن المُجتمع لا يدعمها وتخلى عنها، هذا الكلام غير صحيح على الإطلاق، بالأردن من اكثر الدول في العالم التي تتلقى مساعدات أمريكيّة وأوروبيّة وخليجيّة ويابانيّة، ولا يوجد موازنة تخلو من تلك المُساعدات التي كان لها دورا كبيرا وحاسما في إنقاذ الاقتصاد الوطنيّ.
الحُكومة مُطالبة بعد هذا الدعّم الدوليّ بتسريع وتيرة النُمُوّ الاقتصاديّ والوصول الى تشاركيّة حقيقيّة بين القطاعين العام والخاص وتعزيز بيئته التنافسيّة وترسيخ قواعد دولة القانون المبينة على النزاهة والشفافيّة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى