شكر وعتب على وزارة الثقافة

شكر وعتب على وزارة الثقافة
د. عبدالله البركات

من بين الكتب التي اشتريتها مؤخرا ديوان الشاعر محمود سامي البارودي المصري الجنسية الشركسي المنبت. وهو من شعراء اواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.( مازال كثير من طلبة الدراسات العليا يعتقدون ان القرن التاسع عشر يبدأ بسنة الف وتسعمائة) والذي جذبني الى الكتاب ما بقي في ذاكرتي من مخلفات الدراسة الثانوية. حيث كان البارودي احد الشعراء الذين درسناهم واعجبني شعره وبقيت أردد بعض أشعاره كقوله
سواي بتحنان الاغاريد يطرب
وغيري باللذات يلهو ويلعب
وما انا ممن تأسر الخمر لبه
ويملك سمعيه اليراع المثقب
الى ان يقول
اذا انا لم أُعْطِ المكارم حقها
فلا ضمني خالٌ ولا عزني ابُ
وبدأت بقراءة المقدمة التي صاغها الاديب محمد حسين هيكل (وليس السياسي محمد حسنين هيكل طبعاً). صاغها بأسلوبه الجزل وتحليله المتعمق وفأسرتني حتى أكملتها وانا متلهف على ان أصل الى الديوان واستمتع بجميل المعاني والصور والأوزان. وقد أضاءت لي تلك المقدمة من حياة البارودي ما زادني حباً لشعره واعجاباً بعبقريته. فهو أي البارودي من جدد للشعر العربي قديم مجده وأخرجه من أكفانه ولحده.
ثم انتهيت الى مقدمة الديوان بقلم الشاعر كتبها نثرا يضاهي في جماله الشعر.
الا انه هالني ما وقع في المقدمة من اخطاء مطبعية كسرت الأوزان وأوحشت المعاني وقلبت الحقائق.
فأسفت أن يقع مثل ذلك في كتاب نشرته مشكورة وزارة الثقافة ووسمته بوسمها وقرنته باسمها. ففي اربع صفحات وجدت عشرة اخطاء. وكنت أول الامر قد اتهمت نفسي واسأت الظن بعلمي وفهمي الا ان تعاظمت الاخطاء وجلت عن الخفاء.
وقد اكتشفت هذه العثرات بما لدي من أذن موسيقية. فكيف يقع البارودي بكسر للوزن يتكرر في الصدر والعجز. وكيف يقع في الإقواء شاعر مثله في ثلاثة ابيات متتالية. وكيف يقارن بين النضار والصغر لا بينه وبين الصفر، وكيف يحول ألف المد الى همزة، وكيف يدعو الله ان يحن بإحسانه ديباجه بدل ان يحسن به ديباجته اذا اتبعها بأن لا يجعل الا اليه حاجته.
هذا بعض ما اكتفي من الاخطاء بذكرها مما لا يمنعني من الاشادة بالوزارة وشكرها. فالكمال لله وحده مع ان كثير منه في وسع البشر ان بذل المحقق جهده .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى