نتوءات لم تسوى وعورات لم تغطى / راتب عبابنه

نتوءات لم تسوى وعورات لم تغطى
لو نظرنا نظرة المراجع والمدقق في مجريات السنوات الأخيره من عمر الأردن لبرز لنا العديد من المعاضل والمنغصات التي قاد لها سوء إدارة الإقتصاد الناتج عن التخبط وقصر النظر الذي رافقه وما زال بشكل واضح عدم اعتبار الحكومات عموما والحالية خصوصا أن المواطن والوطن هما الأولوية الأولى في سن القوانين واتخاذ القرارات.
بالتعريف البسيط للإقتصاد يمكننا الوصول لمواطن الخلل التي أدت إلى ما أدت إليه. الإقتصاد هو مجمل الموارد والثروات لدولة ما من ناحية الإنتاج والإستهلاك للسلع والخدمات، كما هو إدارة الموارد المتوفره والإستفادة منها واستثمارها بوجه حق ينعكس على المجتمع بشكل إيجابي بعيدا عن الحاجة وبعيدا عن رفع الضرائب التي تستهلك إمكانات المواطن.
للأسف لم يتأتى ذلك من الحكومة وبدفع من مجلس النواب الضعيف والموالي للحكومة أكثر منه للمواطن. الشيء الذي أدى بالحكومات المتعاقبة وخصوصا الحالية إلى التمادي بالإثقال على المواطن من خلال التشريعات التي تقف حائلا أمامه للعيش المريح. لذلك نجد العديد من الإفرازات السلبية والخطيرة الناتجة عن الخلل وغالبا ما يكون متعمدا في كيفية إدارة الإقتصاد ومحاولة إيجاد حلول ناجعة لما يواجه المجتمع من عوائق تقف عقبة أمامه وتمنعه من النمو والتقدم ومواكبة المجتمعات الأخرى.
الإستثمار
نجد بين الفينة والأخرى إحجاما من المستثمرين الأجانب والمحليين عن الإستثمار في الأردن بسبب الروتين والبيروقراطية والإجراءات الطاردة للإستثمار. وفي الوقت نفسه هناك سبب آخر هو الخوف من ما يمكن أن يؤول إليه المستقبل سياسيا واجتماعيا دافعه التوتر في المنطقة واحتمالية قيام حرب يمكن أن تأتي على الإستثمار واستثماراتهم. هذا رغم أن جلالة الملك دائم التحرك باتجاه تشجيع الإستثمار وجلب المستثمرين لكن ذلك يصطدم في أليات التنفيذ التي تقتل الرغبة عند المستثمر وتدفعه للمغادرة عند شعوره بأنه صيد ثمين. نضيف لذلك غياب المركزية وتعدد الجهات المعنية المتعاملة مع هكذا حالات.
الإنتحار والقتل
لا يكاد يمر يوم دون أن نسمع عن حالة إنتحار أو قتل أو العثور على جثة أو لقيط. وهنا نجد أن الحالة الإقتصادية هي التي تقف خلف معظم هذه الحالات التي لم يعتد عليها المجتمع الأردني. وغالبا ما تكشف الجهات الأمنية المحترفة تفاصيلها بزمن قياسي، لكن معالجة الأسباب والدوافع تكاد أن تكون وللأسف بعيدة عن الدراسة والتحليل وأقرب لردة الفعل.
المخدرات
ظاهرة تعاطي المخدرات وخصوصا بين الشباب والمراهقين تتفشى بشكل متسارع والحكومة تقول أن نسبة التعاطي لا تصل إلى 1%، وكأن هذه النسبة ليست مؤشرا للخطر. أيضا هذه الظاهرة تفشت في الآونة الأخيرة بسبب اللجوء المشؤوم والذي لم يأخذ نصيبه من الدراسة والتنظيم. وعادة ما يقف خلف المخدرات وتعاطيها وترويجها الفقر ووجود خلل ما بجهة ما يشجعان على تكرار محاولات التهريب. ونسجل هنا تقديرنا للأجهزة الأمنية والجمارك والقوات المسلحة على جهودهم المتواصلة لمنع التهريب وإحباط الكثير من المحاولات. لكن ذلك لا يكتمل إذا ما درست الدوافع والأسباب والظروف للقضاء عليها وتطهير المجتمع منها
الإعتداء على الشرطة والدرك والمؤسسات
حالات الإعتداء على رجال الأمن ومقاومتهم آخذه بالإزدياد وذلك لعدم وجود البدائل التي يمكن لهؤلاء الشباب أن يجدوا ضالتهم بها. فنجدهم يلجأون لوسائل الكسب السريع ولو به مخاطرة. وذلك عائد للفراغ وندرة فرص العمل التي هي من واجب الحكومة توفيرها. لكن من وجهة نظرها هناك ما يشغلها عن إيجاد الحلول الجذرية بالمعنى الذي وجدت من أجله كحكومة. الحل دائما ما يكون عند المواطن وكأننا نعيش في دولة مثل فنلندا.
الحريات
هناك تراجع في الحريات يتمثل بالإستقواء على الصحافة من خلال توقيف الصحفيين الذين لا تنسجم أراؤهم مع توجه الحكومه، إذ لسان حالها يقول أن الصحافة يجب أن تكون الوجه الآخر للحكومة تصفق لها وتثني عليها وتروج لقراراتها وعكس ذلك مصيرك التوقيف والحبس. بينما لا نماء ولا تقدم بدون صحافة حرة مسؤولة. أما التعتيم والتكميم هما من أهم أسباب ما آلت إليه حالنا. لقد كثر حديث المنظمات العالمية المعنية بحقوق الإنسان والحريات عن انتقاد الأردن بهذا الشأن وتراجع تصنيفنا لديها مما يعطي انطباعا سيئا عن الأردن.
حرية التعبير والرأي المكفولة بالدستور قد تم تجاوزها من قبل الحكومة وبذلك تكون قد خالفت مادة أساسية من مواد الدستور الناظم للشأن العام. وهنا لا ندعو للصحافة المنفلتة وغير المسؤولة، بل ندعو لتوسعة هامش الحرية أمام الصحافة والرأي مع عدم تجاوز الثوابت والحفاظ على أخلاقيات الصحافة المهنية التي تخدم ولا تهدم، تخدم المواطن والدولة معا وتهدم ما يسيء للمواطن والدولة معا أيضا. ولا يخفى على أحد أن دور الصحافة تنويري كاشف للحقائق ومشير للأخطاء لتصحيحها وفي الوقت نفسه رديف للحكومة عند الأداء الحسن. أما أن تبقى الصحافة حبيسة رغبات الحكومة ومرهونة لأهوائها، فذلك هو الإستبداد والإستقواء اللذان يمنعان التقدم واستفحال الخطأ.
التوريث وتدوير الأسماء
نرى الوجوه التي تتقلد المناصب الحساسة والرفيعة هي سليلة نفس الاسماء السابقة والسبب يكمن في كونهم طيعين مصفقين لدرجة النفاق. المحسوبية والإرضاء والتنفيع هي ركائز الإختيار والتعيين، أما الكفاءة والوطنية والغيرة هي ركائز الإقصاء والإبعاد والتهميش حتى صار مصير البلاد بأيدي من همهم الإنتفاع والتنفيع.
اللاجئون
فتح الباب على الغارب لملايين اللاجئين في بلد لا يكاد يقوم بواجباته نحو مواطنيه لشح الموارد وضعف الإمكانات حتى بتنا نشعر بنوع من الغربة داخل الوطن إذ بلغت نسبة اللاجئين 30% من السكان وهذا مؤشر خطر والحكومة ما زالت ماضية بنهجها الذي لا يعطي المواطن الأهمية المطلوبة. وهذا الوضع قد أفرز مشاكل إقتصادية واجتماعية وسياسية يصعب حلها.
التحالفات العسكرية
نحن مع الحرب ضد داعش ضمن حدودنا وضد الدخول بحرب بالوكالة تحقق رغبات وخطط استراتيجة للدول ذات الأجندات بعيدة المدى حيث هذا إستنزاف آخر بطيء لقدراتنا وامكاناتنا المحدودة نشعر به مع مرور السنين. ولا يخفى أن هناك أكثر من دولة تود وضعنا في “بوز المدفع” كما يقول مثلنا الشعبي وهذا ما لم تقبل به قيادتنا لإدراكها لتبعاته وانعكاساته على الوضع الداخلي. وهو موقف أدى لتقاعس الدول المانحة عن تقديم ما يتوجب عليها للأردن.
ذلك راجع لعدم توفر الدراسة المتأنية للوضع العام برمته منذ البداية والصحوة المتأخرة في مثل هذه الحال لا تصل بنا لتحقيق كل ما نتمناه. لقد كان الأجدر عدم التسرع والحصول على ضمانات أكيدة يقابلها اجراء حاسم بحال عدم الوفاء بتلك الضمانات.
التسول
من الطبيعي والوضع كذلك أن يزداد عدد المتسولين وطالبي الصدقة، وكما أشرنا سابقا الإستثمار متوقف وفرص العمل غير متوفرة والأعباء كثيرة والأسعار مرتفعة واللاجئون كثر والفقر دق الأبواب، فمن الطبيعي أن نجد العشرات من المتسولين عند الإشارات الضوئية وفي الأماكن العامة.
أمين عمان
عند تعيينه خلق ضجة وجدلا وما زال كذلك حتى بات فوق القانون وفوق المساءلة وفوق مجلس النواب الذي استدعاه أكثر من مرة ولم يستجب. فما تفسير ذلك ؟؟ نحن نعلم أن” لا أحد فوق القانون” فلماذا يتمرد هذا المدعو أمينا لعمان الكبرى على كل المثل والقيم والبروتوكولات المتبعة في مثل حالته؟؟ فعلى ماذا وعلى من يعتمد؟؟ أليس هذا ضرب من ضروب الفساد؟؟ عندما يروج لنفسه نراه يرتدي اللباس البرتقالي واقفا بجانب آلية نقل النفايات وبيده مكنسة عامل وطن. وعندما يرغب بالظهور في المناسبات الدعائية التي تصقل صورته أمام الإعلام الخارجي نراه يقتنص مناسبة من خلالها يكرم أحدهم وتلتقط له الصور وتكتب عنه صحافة التلميع والتصفيق.
فهو بشهادة أعضاء من مجلس الأمانه الذين يعملون معه أقروا بتفرده بالقرار وعدم إلتزامه بأصول التصويت الديمقراطي داخل المجلس بما يخص التعيين والخدمات. لقد اشتكى منه العديد من مسؤولي الأمانه نفسها ومن المواطنين، إذ كانت شكاوي تنم عن التعالي وعدم الإكتراث. فعلى من تقع مسؤولة ردع هذا النوع من المسؤولين؟؟
هذه النتوءات وهذه العورات تركت بصماتها واضحة على حياة الأردنيين دون أن نلمس محاوله للتعامل معها وخلق الحلول والبدائل رغم وضوحها للقاصي والداني.
حمى الله الأردن والغيارى على الأردن والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى