واجب أبو اللُطُف / ميس داغر

واجب أبو اللُطُف
في مسامرةٍ إيمانيةٍ تخللّها تسبيحٌ غيرُ اعتياديّ للكائنات، جلس الأخوان شرحبيل وأبو اللُطُف يتفكران في سنن الله في خلقه، ويرثيان لحال العباد. بعد برهةٍ من التفكّر، أسرّ أبو اللُطُف لصاحبه: لقد أثقل همّي تكذيبُ الناس يا أخ شرحبيل، إنهم لا يصدّقون تنازلنا عمّا قبل حدود الـ 67.
ارتفع ضجيج تسبيح الكائنات حتى ملأ الفضاء كله، فيما تألّم قلب الأخ شرحبيل لتكذيب الناس. ولمّا خفّ الضجيج قليلا، أجاب شرحبيل وقد غمره التأثر: وهنا يكون واجبك يا أبا اللُطُف، أن تقنع المكذبين.
– وكيف أقنعهم إن كنتُ أنا نفسي غير مقتنع!
– !!!! أتؤمن بالله يا أبا اللُطُف؟
– الحمد لله
– أتؤمن باليوم الآخر؟
– الشكر لله
– والذي نفسي بيده إنك من أهل الهداية. فكيف تقول عن نفسك إنك غير مقتنع؟
استغفر أبو اللُطُف ربه، ثمّ توسّل إلى شرحبيل: علّمني إذن مما علّمك الله.
– هأنذا أعلّمُك: اقنعهم يا أبا اللُطُف بالتي هي أقوَم.
– فإن لم يقتنعوا؟
– اقنعهم بالتي هي أحسن.
– وإن لم يقتنعوا؟
– ذكّرهم بفناء الأولى…
– وإن لم يقتنعوا؟
– رغّبهم بدوام الآخرة…
– وإن لم يقتنعوا؟
– إذا لم يقتنعوا بعد كل هذه البراهين تكون أدّيت فريضتك، وليس عليك من خطاياهم شيئا. ما يقولون لك يا أبا اللُطُف إلا ما قيل للرُسُل من قبلك.
تأمّلَ أبو اللُطُف سُنّة الذين كفروا، فبكت عيناه حتى تلألأت الدموع فوق ذقنه الطاهرة، والكائنات ما زالت تُسبّح. ثمّ تذكّرَ ما قيل للرُسُل من قبله، فأُفرغ على قلبه صبرا، وسقط همّ ما قبل الـ 67 عن منكبيه الشريفين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى