حول السوشال ميديا / رامي علاونة

حول السوشال ميديا

أدى تفاعل الأردنيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي البارحة حول قضية تعيين رئيس الحكومة 3 أشخاص برواتب عالية في وزارة العدل خارج مظلة ديوان الخدمة المدنية ودون أدنى معايير الشفافية الى ارغام الرئيس على الغاء التوظيف في جميع وزارات الدولة ومؤسساتها.

هذه الحادثة مؤشر كبير على دور السوشال ميديا، الذي بات من اكثر الموضوعات طرحا في الأردن و في مناسابات عدة، منها جلسات مجلس النواب ومقابلات المسؤولين في الدولة. وهنا ارغب بطرح بعض الافكار حول هذا الموضوع:

– على الكثير من المسؤولين ان يدركوا ان السوشال ميديا واقع حقيقي لا مجال للهروب منه وان يفكروا في مجاراته والاستفادة منه بدلا من محاربته.

مقالات ذات صلة

– تقليلهم من أهميته و محاولتهم الترويج لفكرة استخدامه بشكل سلبي وربطه بمفهوم اغتيال الشخصية في الأردن لن يفيدهم، فالحياة في تطور مستمر والتكنولوجيا والسوشال ميديا من آدوات هذا التطور.

– محليا، لايجب أن نقفز الى اي استنتاج حول السوشال ميديا الا أذا كان مبنيا على دراسات منهجية، وهي تكاد تكون معدومة في الأردن مقارنة بالكم الهائل من البحوث والدراسات الصادرة من دول ومجتمعات أخرى. أغلب الآراء حول هذا الموضوع لدينا انطباعية و مبنية على تجارب شخصية.

– يكفي ان يبحث أي شخص عن كلمة ‘فيسبوك’، او ‘تويتر’ او ‘سوشال ميديا’ في اي قاعدة بيانات حتى يرى الأعداد المتزايدة يوميا من الدراسات التي تتناول السوشال ميديا في حقول المعرفة المختلفة من إعلام واتصال وعلم اجتماع وعلم نفس ولغويات وتسويق وغيرها, و يدرك أن مشاركتنا من هذا الكم كأردنيين ‘صفر’، او اقرب الى الصفر.

– في الأردن يذهب البعض للقول بأن الفيسبوك ‘دمّر الدولة الأردنية’، و يقول البعض الأقل تشاؤما أن السوشال ميديا ساهمت في تغيير القيم المجتمعية ونشرت قلة الاحترام مستدلين على ذلك ببعض التعليقات غير المهذبة على صفحاتهم الشخصية.

– هناك مخالفات وهناك حالات سلبية كثيرة، يستطيع أي مسخدم ملاحظتها لكن السؤال هل تعمم هذه الحالات على ملايين المستخدمين؟!

– السوشال ميديا كانت نواة لنشاطات بدأت في العالم الافتراضي وانتقلت الى العالم الواقعي لتسقط انظمة حاكمة و ترغم شركات عالمية على التخلي عن بعض المماراسات غير القانونية وترغم رجال سياسة على الاستقالة لممارسات غير أخلاقية، فلا أحد يستطيع انكار دورها في توعية الجماهير.

– يروج البعض من رجال الدولة في الأردن لفكرة واحدة حول السوشال ميديا وهي ‘سلبية’ السوشال الميديا، وبعضهم يحاول في كل مناسبة ربطه بالإشاعة والاساءة لرجال الدولة و التقليل من هيبتهم و عدم احترامهم.

– قد يكون المواطن الأردني فعلا ‘بَطَّل يحترم’ مسؤولي الدولة حسب مفاهيمهم، فالانتقاد لديهم عدم احترام والسؤال عدم احترام و الاعتراض عدم احترام والطرح المخالف لطروحاتهم عدم احترام كما هو السب والذم والقدح والتشهير.

– كلها توضع في خانة ‘عدم الاحترام’ وكلها تستدعي حالة من الاستنكار من طرفهم لأن هذا التنوع في الخطاب جديد عليهم فقد اعتادوا قبل السوشال ميديا على مخاطبة الناس عبر التلفزيون، و الراديو والجريدة، وكلها منابر أحادية القناة … هم يرسلون والمواطن يستقبل. لم يستقبلوا من المواطن سابقا غير عبارات المدح والثناء في جاهات الأعراس والمناسبات الوطنية ومقالات المداهنة وتمجيد الانجازات الوهمية في الصحف الحكومية.

– فكيف لمن اعتاد على هذا النمط من التواصل ان يقتنع أن القفشة التي تكتب حول تصريح له ليست عدم احترام لشخصه، وكيف له ان يقتنع ان التعليق او المقال الذي ينتقد نهجه ونهج اقرانه ليس عدم احترام لشخوصهم؟! وكيف له ان يقتنع أن المسيئين الذين يستهدفون الشخوص ليسوا إلا نسبة قليلة بين ملايين المستخدمين؟!

– أخيرا، ‘عدم الاحترام’ بغض النظر عن ما يعني لهم ليس من نتاج السوشال ميديا، فالأسباب كثيرة أهمها انعدام الثقة واليأس من التغيير … فلماذا يحترم شاب مقبل على الحياة ليس له من مقوماتها شئ مسؤولا مترفا أشبعه وعودا وأكاذيبا؟!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى