الفتور العاطفي بين الزوجين / د مجد خليل قبالين

الفتور العاطفي بين الزوجين Coldness Emotional Between Couples
ويُطلق عليه اسم البرود العاطفي ، ويُعتبر من المشاكل النفس اجتماعية الأُسرية التي تُعاني منها العديد من الأُسر ، ويُمكن التعبير عنها بحالة من تسلُل الملل والتراخي العاطفي وجفاف المشاعر بين الزوجين ، وقد يتضاعف ليصل لمرحلة الطلاق العاطفي وخصوصاً اذا صاحبهُما حالة من عدم التفاهُم العقلي والفكري والانفعالي بين الزوجين ، ووجود درجة عالية من اللامبالاة بشريك الحياة واحتياجاته.
وتكمُن خطورة هذه المُشكلة الزواجية بأنها تُشكِل إحدى مداخل الخيانة الزوجية والشعور بعدم الرضا والقناعة بشريك الحياة ، وتحولها الى ضربة قاضية للعلاقة بين الزوجين ، وتزداد حدتها اذا رافقها عدم تفاهُم عقلي بين الزوجين ووجود مشاكل زوجية تتعدد اسبابها والنتيجة واحدة.
ومن اهم المظاهر التي يظهر بها الفتور العاطفي :
– اعتبار الحاجات الانسانية والعاطفية شكلاً من اشكال ” الدلع” او ” الإلحاح” من قبل احد الزوجين او كلاهُما ، اي تصنيف تلك الحاجات بأنها لا تُعتبر من الحاجات الزوجية ، وقد يُصاحبها في كثير من الأحيان طلاق عاطفي وانفصال بين الازواج ، فيتحولان الى زوجين ظاهرياً وشكلياً ، او افتراضياً فقط ، ولكنهُما واقعياً لا يجتمعان معاُ كأرواح وعواطف في نفس المكان.
– غياب الاهتمام بين الزوجين واللامُبالاة ، واحيانا ينشأ اسلوب اللامُبالاة لدى بعض النساء عندما يُنجبن طفلاً فيتمركز اهتمام الزوجة على الطفل وتُهمل الزوج الذي هو بالأصل كان السبب بقدوم هذا الطفل ، وكأنها تعتبر حياتها فقط اصبحت لطفلها وتصبح عاطفتها مُسيرة فقط للطفل.
ومن اهم العوامل المؤدية لتلك الظاهرة :
– غياب الحُب بين الزوجين او موته وفتوره ، وهنا انا لا اعتبر انه كان هنالك مشاعر حُب من الأساس بين الزوجين.
– عدم فهم الزواج وشريك الحياة بشكل صحيح ، وهذا ناجم عن الصورة المُسبقة الخاطئة عن الزواج والانتقال للزواج بثقافة الفجأة ، وتحول الزواج الى واجب اجتماعي يقوم به كل من الرجُل والمرأة في مُجتمع يفرض ذلك.
– حدوث البرود الجنسي بين الزوجين والذي يسبقه عادةً البرود العاطفي وإهمال كُل من الزوجين لإحتياجات شريك الحياة الجنسية والعاطفية ، حيث تُعتبر العملية الجنسية شكل من اشكال التعبير عن الحُب ، ويُمكن ان نعتبر عملية مُمارسة الجنس “مُمارسة الحب” ، وليس فقط مُجرد عملية بيولوجية تتم خالية من أي مشاعر.
– غياب الذكاء العاطفي بين الزوجين بمعنى عدم اكتساب مهارات واساليب التعبير عن المشاعر بين الزوجين ، وعدم قدرة الزوجين على التعامل الإيجابي مع انفُسهما ومع المُحيطين بهم لعدم تعلُم الزوجين تلك المهارات وخصوصاً من قبل أُسرتهما قبل الزواج.
– غياب ثقافة البوح بالمشاعر بين الزوجين واعتبارها شكلاً من أشكال الضعف بالشخصية.
– تحول مجتمعنا الى المجتمع الرأسمالي والذي يقوم على المادة فاصبح التفكير المادي مُخترِقاً حتى لمؤسسة الأُسرة والعلاقة بين الزوحين وإهمال الجانب الانساني والاجتماعي ، والعاطفي.
– عدم توزيع اهتمامات الزوجين بشكل متساوي ، حيث ان الاهتمام بالمادة وتأمين مُتطلبات الحياة يطغى على الجانب العاطفي والانساني.
“ان الفتور العاطفي بين الازواج يُجهض عملية تحقيق السكينة والمودة والرحمة والاستقرار والاشباع الجنسي بين الزوجين وهي اهداف الزواج الأساسية التي دعا لها الدين الاسلامي.
وهنا السؤال الكبير الذي اختتم به مقالي ……………
السنا فعلا بحاجة لإعادة برمجة عقولنا لفهم الاحتياجات الانسانية ومنها العاطفية والاجتماعية ، وفهم وادراك خطورة عدم تلبية واشباع الحاجات العاطفية والاهتمام بحاجات معينة على حساب غيرها؟
د مجد خليل قبالين
دكتوراه علم اجتماع علم الجريمة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى