الفقراء يعودون عنوة إلى واجهة الانسانية يا كورونا

الفقراء يعودون عنوة إلى واجهة الانسانية يا كورونا
ا.د حسين محادين

( 1)
الفقراء المقصودون هنا؛ هم كل انسان رجلا كان أم امراة، أو أي ارض “بور” غير مكتفِ من أسباب العيش الكريم المفترضة كقيمة انسانية عليا، وهم ايضاً، كل من يعاني من سوء تغذية، أو نحالة في الجسد والتفاؤل كبشر، وهو كفقير الهش بانتاجه وبصحتة لكِبر سنه، أو صِغره كالأطفال المهملين ، أو الهائمين للآن في شوارع الحياة القاسية، بعد أن أصبحت حياة هذا الكون عولمة-عولمات بلا قلب، إلى الحد الذي انطلقت فيه بأوروبا الراسمالية مركز العولمة ذاتها قبل عقد ونصف، قامت مظاهرات حاشدة مُطالبة “بأنسنة العولمة” ولم تفلح يا الوجع؛ فهل صحونا الآن ربما بفضل صدمة الكورونا..؟ ولكن في الواقع امامنا الكثير كي نصوب اهمالنا لغيرنا من البشر والاراضي والفقراء على هذا الكوكب، وهذا ما اسميه تحديات مرحلة ما بعد الكورونا..؟
والفقير هنا ايضا، هو كل فرد او مجتمع نام ِ مسلوب الحرية، وعديم المشاركة “متعطل” في البناء وافراح الحياة كذلك ، لأنه مُستغل من الاثرياء، وأصحاب السلطات المختلفة عولميا.
لا بل الفقراء هم المنسيون من ذاكرتنا الجمعية، ومن حقهم ايضا في الغذاء والأمن والتنمية كجزء مهمل من عالمنا وتحديدا بمرحلة ما قبل مجيء، أو ظهور ايدلوجية الكورونا كمنظومة فكرية فيروسيه نادرة المحتوى، والنتائج، مُهددة لكل ما سبق سيادتها الراهنة والهادفة ربما لقرّصنا كبشرية عبر تذكيرها لنا بحكمة غابت عنا طويلا، الا وهي “مركزية حياة الإنسان” بغض النظر عن؛ لغته،فقره اوثرائه،معتقده ، لون بشرته، قوميته،عاملا ام متعطل..وكلها عناوين هامشية أمام إنسانيته كقائد للحياة وإعمارها منذ الأزل.
(2)
– لنعترف أفرادا وجماعات ودول أننا قد تفاجئنا معا على نسيانهم كفقراء عموما نتيجة تماهينا مع عالم تعولم ، يؤمن فقط بالارباح والتوسع بلا حدود ،أو ممنوعات عملا بقاعدة مادام “يعمل دعه يمُر “ولا مانع من صمتنا جميعا على إستغلال الأفراد والشعوب النامية معا، بلا وجل أو حتى رفة قلب، مادام العالمية توسعت ، منذ منتصف تسعينات القرن الماضي ، ليصبح هذا العالم واحدي العناوين مثل :-
الرأس الواحد، والقرارات الظالمة، قطب ،دولار، عين امريكية واحدة، وبلغة إنجليزية محمولة على تكنولوجيا واحدة مبتكرة لهم ايضا، ومراكزها جميعا هي دول أوروبا الغربية.
(2)
..وجاءت عدوى الكورونا فجأة، وتفردت عما الفته البشرية، بأنها العابرة لكل ما عرفناه قبلا، أو حتى ما أمنا به من أفكار وممارسات ظالمة لاخوتنا الفقراء من البشر، جاءت لتعريًنا جميعا، الأغنياء وسلطوياتهم، والفقراء كهوامش ، والدول المتقدمة والنائمة معا بشموليتها ولامرئيتها كتحد أضخم مما عرفناه عبر التاريخ كبشر.
(3)
مع الكورونا صُدم عالمنا المادي المتعجرف، بأن كل الثروات والسلطات والأموال المهولة والأرقام التي تنُفق على الحروب بسخاء إفتاء للفقراء، وإثراً لشركات السلاح قد تبددت وجددت ، تماما كمواردنا المعطلة من البشر والنفط والغاز ،وتلويث البيئة في هذا العالم الغافي قبل مجيء الكورنا. وجميع ما كان من حروب وصخب دام ِ لم تنجح في ابقاء الفقراء منسيون في ظل أو خلف الأسوار في هذا العالم الظالم لنفسه ولأنسانية الشرعية الدولية المحتلة لصالح الاقوياء منذ عقود وللآن.
(4)
هل كنا بحاجة لكرونا كي يتقدم الغراء أولويات المترفين والمستقلين التاريخيه للموارد والأموال والسلطات والتكنولوجيا والتي لم تفيدهم أمام قدرة هذا الفايروس على الفتك بالبشر فقط دون الموارد والسلطات والأموال.. ؟
ماذا نقول بعد أن وخزتنا الكورنا لنتعرف ونتذكر ما غاب أو اهملناه من:-
أ- كبار السن المهملين للاسف والمرشحين الاصابة في فايروس الكورنا، أو الذين انتهت مدة صلاحياتهم واصبحوا عالة على اقتصاديات الرأسماليين/الديجتاليون في معظم دول العالم.
ب- النساء والأطفال المعتمدون من قِبل المنظمات الدولية، بانهم من الشرائح الضعيفة اصلا، وهما ايضا مهملان فعليا قبل مجيء الكورونا علينا.
ج- الاعداد هكذا من السجناء في دول العالم والتي أذهلتنا والتي إطلاق سراحهم في مجتمعاتهم دون تهيئة اي منهما لقبول الاخر “النزلاء ومؤسسات المجتمع” خشية الكورونا ، ولكن هذا القرار عمليا تعطيل لكل القوانيين الضابطة للحقوق والواجبات ضمن مجتمع متوازن مرتجى قيامه.
د- لقد عرًت الكورنا صمت البشرية عن الحجم الكبير لأمراض الفقر، والبِطالة، وسوء التغذية المزمن، وعمال اليومية أو العمال الموسمين، وعبثية كل هذه الحصارات بين الدول والشعوب لأسباب سياسية اقتصادية، الحروب المشتعلة بين الدول القبائل..الخ.
(4)
اخيرا..
انا متيقن أن كل هؤلاء الفقراء المنسيون منذ عقود ليس لديهم ما يخسرونه قبل تفشي الكورنا، ولكنهم ظهروا مجددا كاولوية قصوى للاهتمام بهم من قِبل الاثرياء، والدول الرسمية والمستغلين لهم، ليس حباً بهم، ولكن دفاعا عن حياة هذه القلِة من اثرياء العالم اولا، وثانيا خشية الاثرياء المسعدين من هشاشة الفقراء ، فهم كالقنابل الموقوتة الهيئة وبقوة لانتقال الفايروس الى المُلاك المحصنيين قبلا، فحياتهم الرغيدة المفترضة، ستبقى مهددة مادام الفقراء المجاورين لهم في هذا الكوكب يعانون من تدني منسوب أجهزة المناعة لديهم جراء أعمالهم منذ أمد بعيد.
*عميد كلية العلوم الاجتماعية-جامعة مؤتة.
*عضو مجلس محافظة الكرك”اللامركزية “.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى