الفايز يغرّد من شاطئ الخليج العربي / موسى العدوان

الفايز يغرّد من شاطئ الخليج العربي

في لقائه بالجالية الأردنية بدولة الكويت الشقيقة خلال نهاية الأسبوع الماضي، أطلق رئيس مجلس الأعيان الأردني دولة السيد فيصل الفايز، تغريدات ترددت أصداؤها في ضمائر أبناء الشعب الأردني بكل أطيافه. ولكي لا أتجنى على دولته فإنني سأقتبس ما ورد في تغريداته كما نشرتها وسائل الإعلام المحلية :

يقول دولته :” اللي يسأل وين رايحين . . هذا لا يريد مصلحة البلد. أنا بعرف وين رايحين . . نحن رايحين إلى الأفضل في ظل القيادة الهاشمية وبرعاية جلالة الملك عبد الله. أنا متفاءل بمستقبل الأردن ومتفاءل بمستقبل أحفادي وأبنائي في ظل هذا النظام، الذي هو صمام الأمان لكل الأردنيين . . إن شاء الله أنهم يغلظوا العقوبات على أساس الحد من الأخبار المفبركة والإشاعات . . كلهم يسعون إلى دمار الأردن ولن يستطيعوا فالأردن قوي “. انتهى الاقتباس.

لو أنني لم أقرأ اسم دولة الفايز في بداية هذه التغريدات الجميلة ، لقلت أن مطلقها هو مهاتير محمد من ماليزيا، أو ماكوفولي من تنزانيا، حيث تجد مواصفات الدولة العصرية. فدولته يعيب على من يسأل وين رايحين ؟ ويتهمه بكونه يعمل ضد مصلحة البلد وكأنه ارتكب جرما بحقها، علما بأن السائل حريص وقلق على مصير بلده. ولكن دولته ببصيرته النافذة وقدرته على استشراف المستقبل والرجم بالغيب، يطمئننا بأنه هو من يعرف إجابة ذلك السؤال وبأننا رايحين إلى الأفضل يحدوه التفاؤل بمستقبل الأردن ومستقبل أحفاده وأبنائه.

مقالات ذات صلة

ولا أعرف كيف بنيت دولتك هذه الاستنتاجات التي بشرتنا بها ؟ ألم تقرأ تقرير حالة البلاد، الذي نشره مركز الدراسات الإستراتيجية الأردني، الذي بين عجز الحكومات طيلة العقود السابقة عن تحقيق أهدافها، وقد ينطبق ذلك على الحكومات اللاحقة ؟ ألا تعرف دولتك عن المديونية التي تجاوزت أل 40 مليار دولار وما زالت في تزايد عاما بعد عام ؟ ألا تعرف أن الحكومة تقترض من البنك الدولي لسداد فوائد الديون الحالية وتزيد الدين دينا جديدا ؟ ألا تعرف بأن آلاف المصانع والشركات قد أغلقت أبوابها، وأن المستثمرين كبارا وصغارا قد هاجروا خارج البلاد، وما زال سيلهم مستمرا ؟

ألا تعرف دولتك بأن معظم القطاعات الوطنية : الزراعية والتجارية والصحية والإنشائية والنقل وغيرها تعاني من أوضاع محزنة ؟ ألا تعرف عن حالة المواطنين الذين لا يستطيعون مراجعة الطبيب وشراء الدواء أو رغيف الخبز ؟ ألم تسمع بالمواطن الذي عرض أحد أبنائه الخمسة للبيع من خلال إذاعة أردنية لكي يجد لقمة الغذاء ؟ أليس هذا نموذجا لما وصل إليه حال المواطنين من الفقر والبطالة؟ إذا كنت لا تعرف كل هذا يا دولة رئيس مجلس الأعيان، فهو بالتأكيد مؤشر بأن مسؤولينا يعيشون في عالم آخر، وإن كنت تعرفه فلماذا تتجاهله وتُمنينا بأحلام وردية نراها في الخيال ؟

دولة الرئيس فيصل الفايز الأكرم

أنت رئيس أحد جناحي مجلس الأمة، الذي يفترض به أن يكون مدافعا عن مصالح الشعب، ومحاربا للفساد والفاسدين وناصحا لصاحب القرار. ودعواك لتغليظ العقوبة على من يبثون الإشاعات في قانون الجرائم الإلكترونية، يمكن مواجهته بالشفافية ونشر الحقائق، ومن يخطئ هناك قانون العقوبات الذي يعطي كل ذي حق حقه. أن ما تتفضل به دولتك من تصريحات وأحاديث بين حين وآخر لا يصب في هذا المجال. ولتأكيد ذلك أرجو أن تجري استفتاء بسيطا للشعب، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، لمعرفة مدى قناعة المواطنين بتغريداتك الأخيرة، من شاطئ الخليج العربي على الأقل.

وأطمئنك سلفا بأن النتيجة ستكون سالبة قد تصل إلى ما دون الصفر، لأن الشعب الأردني شعب واعٍ، ويعرف الحقائق التي يجهلها بعض المسؤولين في الدولة. هذا بلدنا وقدّمنا في سبيله خلال العقود الماضية الأرواح والدماء للحفاظ عليه. ومن حقنا أن نطرح ألف سؤال : وين رايحين ؟ دون أن يمنعنا أحد من ذلك، لأننا قلقون على وطننا، ونراه ينزلق إلى مصير مجهول . . بعكس ما تراه دولتك تماما..!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى