الغريب / رائد عبدالرحمن حجازي

الغريب
وقف امام دكان عبدالله وراح يتأمل بنظره سهول القرية إلى أن قُطع تأمله بصوت عبدالله قائلاً : هلا خيو وشو مالك بتلد غاد وجاي , ظايع لك اشي بتدور عليه ؟ فيجيبه الرجل : لا والله يا قرابة أني مرّاق طريق وقلت لحالي أميل على هالدكانة تا الهملي تشعب هريسة او لوح تشعتشبان وبعدين بتشمل طريقي .فقال له عبدالله : يا هلا وميت مرحبا ها تشيف لعاد عندي هريسة وتشعتشبان ومخشرم بعد , فوت جاي خيو من الشمس .
بعد أن أكل الرجل قطعة الهريسة قال لعبدالله : هو خيو حُطلّي نص رطل ترى هرايسك طيبات ,ثم سأل عن ثمنها ,فأجابه عبدالله : جيرة الله تخليها ظيافة . لكن الرجل لم يقبل ومد عليه نصف دينار ورقي , أخذ عبدالله نصف الدينار وأراد أن يُرجع الباقي إلا أن الرجل قال له : وجيرة الله ما بترّجع إشي خلي الباقي ليك تراك زلمة غانم وقلبك طيب . تفاجأ عبدالله بهذا العرض السخي كيف لا وقد ترك له ما يُقارب الأربعين قرشاً .
هم الرجل بالمغادرة ولكن عاجله عبدالله قائلاً : بلا زُغرة انت من وين خيو وشو جابك على قريتنا ؟ فيجيبه الرجل : أني مرّاق طريق وبدور على أراظي اظمنها من أصحابها اللي مش قادريين يفلحوها . بهذه الكلمات التي أثارت الفضول عند عبدالله مما دفعه للإستفسار عن نسبة الضمان ,فكان جواب الرجل : أني بوخظ الأرظ عالنص وكل شي عليّ من حراث وبذار وغيره وغيراته . هنا عبدالله حدث نفسه قائلاً : ئي والله سولافة مليحة تشان بضمن أراضي القرية بنظرب عصفورين بحجر , منه بستد ديناتي , واهل القرية بتريحوا من الفلاحة ولعانة الحُرسي .
تنحنح الرجل وقال لعبدالله : مالك خيو وين سرحت , فرد عليه عبدالله : لا لا ولا اشي بس اجتني فكرة , وشو رأيك تضمن أراضي القرية ؟ فأجابه الرجل : على واه بكون ممنونك . فقال له عبدالله : لعاد إسمع تا أقولك اليوم بتتعلل معنا بمضافة المختار مثقال وبنشاور اهل القرية .
في المساء وبعد الترحيب بالضيف وتأيد فكرة الضمان من قِبل الجميع تم الإتفاق على زراعة جميع الأراضي بطيخ وأن تتم المحاسبة عند بداية جني المحصول . طبعاً اصحاب الأراضي كانت لهم أحلامهم فها هو رسمي ابو الضباع يعد زوجته حربية بهدية عبارة عن شرش ملس وحطة مقصبة , وسالم الدعدورة يحلم بشراء كديش , ونوفة تحلم ببعض الإكسسوارات والحنة حين قدوم الدوّاج للقرية , وهكذا تعددت أحلام أهل القرية بين الرجال والنساء .
في إحدى الليالي وبعد منتصف الليل سمع ثلجي أصواتاً غريبةً تأتي من غرب القرية فقال لزوجته فضة : فظة سامعة اللي اني سامعه , فردت عليه فضة : يا زلمة بتلاقيهن واويات او تشلاب داشرة نام والصباح رباح .
صباح اليوم التالي تفاجأ أهل القرية بمنظر لم يخطر على بال أي منهم , ما حدث أن الرجل الغريب (الضمّان) قد جمع محصول البطيخ جميعه ليلاً وبمساعدة اشخاص آخرين ولم يترك من المحصول ولا حتى بطيخة واحدة .ِ
مساكين أهل القرية ضاعت أحلامهم وراحوا يتلاومون فيما بينهم والبعض منهم وضع اللوم على الدكنجي عبدالله الذي كان سبب هذه المصيبة , إلا أن المختار مثقال قال لهم : يا جماعة عبدالله مثله مثلنا والحق علينا كُلنا , ولازم إحنا ماوثقناش بالغريب , على كل حال عليه العوظ ومنه العوظ وإن شاء الله إنه هاظا النصاب يتلقاها بماله وعياله .
ما حدث في القرية ليلاً يحدث في أماكن كثيرة حول العالم ولكن ما بالكم عندما تُسرق الأرض مع الثمر وفي وضح النهار . أترك لكم حُرية التعليق .

رائد عبدالرحمن حجازي
12794492_582261978615965_5349110779671148612_n

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى