العودة الآمنة للتعليم من منظور تربوي


#العودة_الآمنة_للتعليم من منظور تربوي

سامر فايق أبو عيشة

لا يخفى على أحد مدى الأثر السلبي الذي ألقت به جائحة كورونا على قطاع التربية والتعليم ، فهو من أكثر القطاعات تضرراً وتقطعا للأوصال ، وهنا لعل قائلا يقول : إن الجائحة أثرت على كل مفاصل الحياة بمجملها ، وهذا كلام صحيح لا شك فيه ، لكن القطاع الأكثر خطورة وأثرا على مستقبل الأجيال قطاع التربية والتعليم ، والمدارس مصانع العقول والنفوس .
طالعتنا مواقع التواصل الاجتماعي ومنصاته قبيل ساعات عن نية وزارة التربية والتعليم بتأجيل بداية الفصل الثاني للعام الدراسي الحالي ، إلا أنّ من أبجديات ومسلمات علم الإدارة اتخاذ القرار المناسب الذي يحد ويقلل من الاستنزافات والجوانب السلبية وتأثيراتها ، فاستشراف المستقبل وتوقع المناسب همّ لا يفارق كل مهتم عامل في هذا الحقل.
ومن هنا – في الحديث عن شكل الدوام للفصل الثاني ووقته حديث الساعة – أحببت أن أضع بين يدي صناع القرار في وزارة التربية والتعليم مجموعة من المحددات وزوايا النظر والاقتراحات التي قد تعين على اتخاذ قرار فيه استشراف لمصلحة أبنائنا ومستقبلهم وهي على النحو الآتي :
أولا : طلبة المراحل الثلاثة الأولى، وطلبة الثانوية العامة: فلا يخفى على أحد مدى الأثر السلبي الذي قد يترتب على طلبة هذه المراحل جميعها دون فصل أو استثناء من تأخر وتأثر في حصيلتهم العلمية وبنائهم المعرفي والمهاري والوجداني ، فطلاب الصفوف الثلاث الأولى ما زالوا في بداية طريقهم في تعلم (ألف باء) مفاتيح العلوم كلها ، كما أن طلبة الثانوية العامة هم الآن على المحك فامتحاناتهم الوزارية قاب قوسين أو أدنى مع ملاحظة أن هذا الجيل – وأقصد هنا طلبة الثانوية العامة النظاميين لهذا العام – من أكثر الأجيال تأثرا بقرارات جائحة كورونا فهم انقطعوا عن مقاعد الدراسة ما يقارب العامين وفجأة وجدوا أنفسهم في ركاب الثانوية العامة ، ولعل كل من عمل مع هذا الجيل تحديدا في هذا العام لمس الأثر السلبي والمستوى المتدني في جميع جوانب تعلمهم -خاصة في المواد الأساسية من مواد علمية وانسانية على حد سواء – بل تعدى الحال لضعف في الجانب الاجتماعي ومهارات التواصل .
ثانياً :الحصيلة العلمية للطلبة في جميع المراحل بمجمله : فقد أثبت نظام التعلم عن بعد – بغض النظر عن مقدم الخدمة سواء الحكومي أو الخاص- أثره بشكل كبير على مستويات أبنائنا وهذا ما لمسناه في الواقع الميداني في الفصل الدراسي الأول؛ فالتراجع وتدني التحصيل هو الشيء الملموس والملاحظ والمجمع عليه.
ثالثاً : المادة وقطع المنهاج :
فهنا يجب أن يؤخذ بعين البصر والبصيرة حجم المادة التي ستدرس في الفصل الثاني والمدة الزمنية المعدة ومدى مناسبتها ، فالبناء المنظم للمعارف في ذهن الطالب والحصيلة المعرفية المقصودة يجب ألا تتأثر مهما كانت الظروف وهذا له أثره الواضح في مستقبل الجيل.
رابعاً : الدافعية والاستعداد ، حيث إنه
إذا اتُخذ القرار بتأجيل بداية الفصل الدراسي الثاني فإن هذا سيؤثر قطعا على دافعية واستعداد طلبتنا للتعلم ، فالإجازة أصلا ناهزت الأربعين يوما وزيادة ، مما قد يكون له أثر سلبي كبير على استعدادات الطلاب للتعلم.
خامسا :الجانب النفسي للطلاب ولعل العاملين في الميدان التربوي لمس الأثر السلبي للتعلم عن بعد على صحة أبنائنا النفسية فمهارات الاتصال والتواصل تكاد تكون قد انعدمت عند الكثيرين وكذلك الاستعداد للتعلم ، وقد لا أبالغ أنّ العديد من طلبتنا فقد حماسه ، أما الضمور في دافعيتهم فحدث ولا حرج، علاوة على زيادة الوزن وقلة الحركة وما يصاحبه من تأثيرات صحية وبدنية وكلها عوامل ذات تأثير سلبي على أبنائنا ومستقبلهم.
سادسا : المعلم ركن العملية التعليمية حيث إن مما لا شك فيه أن التعلم حياة للمعلم والطالب والمدرسة على حدٍ سواء ولعل المعلم تأثر أيضا بشكل سلبي وتأثر دوره في مرحلة التعلم عن بعد نفسيا ومهاريا وخبرة كذلك ،
وعليه فإني أرى أنه إذا كان ولا بد من قرار لبداية الفصل الدراسي الثاني فهو أن يكون بداية الفصل كالمعتاد دون تغيير بحيث يكون الدوام وجاهيا للمراحل الثلاثة الأولى والمرحلة الثانوية ، أما باقي المراحل فيكون للأسبوعين الأولين عن بعد وللمادة المرّحلة سابقا ثم بعد ذلك ينتظم دوام الجميع وجاهيا فنحن بهذا نكون قد تدرجنا بالعودة للمدرسة أولا، وثانياً نكون قد خرجنا تقريباً من ذروة الشتاء ، وثالثا قد نكون – إن شاء الله – سيطرنا على الوضع الوبائي .

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى