طريق الإصلاح ما بين ( التعشيب ) و ( التزفيت )

طريقالإصلاح ما بين ( التعشيب ) و ( التزفيت )

سأهرب من أحداث سوريا ومصر وفلسطين وكل أماكن التوتّر وكافة الأخبار السياسيّة الخارجيّة والداخليّة لأتحدّث عن سبب توتّر أعصابي المباشر والدائم وهو طرق بلدنا التي تعاني من الكثير من المطبّات والحفر بسبب النقص الحاد في الزفت وسوء إدارة التزفيت .

عندما يكون الطريق مليء بالصخور والحفر والجحور والكثير من الأعشاب والأشواك والنفايات المتناثرة ، تظهر براعة مهندس الطرق وما إذا كان يعمل بضمير حي أم ( يشلفق شلفقة ) ، فإذا كان من ذوي الضمائر الحيّة فسوف يختار أسلوب التعشيب ويبدأ إصلاحه بتفتيت الصخور وردم الحفر وإغلاق الجحور بالاسمنت المسلّح لخنق الأفاعي والجرذان ، ونزع الأشواك والأعشاب الضارة والنفايات وحرقها ، والإبقاء على النباتات المثمرة ونباتات الزينة ورعايتها ورفدها بالماء والسماد وتمهيد الطريق وزراعة المساحات الصفراء فيه بالنجيل وأشجار النخيل ليغدو طريقاً أخضراً ممتعاً وآمناً للسائرين .

أما إذا كان من أصحاب الضمائر ( الكاوتشوكيّة ) فإنه سيختار أسلوب الإصلاح الأسهل وهو أن يأتي بالطّمم فيلقيه فوق الصخور والجحور والأشواك والنفايات غير آبه بمصير الأعشاب المفيدة والنباتات المثمرة التي ستطمر هي الأخرى حتى تبدو له الطريق ممهّدة فيحضر الزفت ليغطّي بها المساحات المطمورة فيعطي الطريق لوناً أسوداً قاتماً يخفي تحته حفر قد تنهال في أي وقت فتسبّب تصدعات للطريق ، وجحور تحوي أفاعي وجرذان سوف تتمكن بسهولة من حفر أنفاق لها في الطمم الطري والخروج من جديد من جنبات الطريق بعد أن تكون قد تكاثرت في جحورها ، وأشواك دفنت في بيئة ملائمة تماماً لنمو سيقانها وشحذ دبابيسها والتي تمكّنها في وقت قصير من شق طبقة الزفت الهشّة المغشوشة والخروج من جديد بشكل أكثر صلابة تكون قادرة على ( بنشرة ) أي إطار يدوسها .

مقالات ذات صلة

أما أدوات التعشيب ، فيجب تأمّل أسلوب المهندس واختيارة لطريقة الإصلاح المناسبة لطريق الإصلاح ، فإذا اختار الطريق الأخضر سيجد ستّة ملايين أداة فعّالة ، أما إذا اختار الطريق الأسود ، فلن يجد سوى ما يقدّمه له الثعابين والجرذان من أدوات مصمّمة خصيصاً لتمكينهم من شحذ طاقاتهم للظهور من جديد بشكل أكثر قوّة وأكثر حصانة

ومع أنني أتمنى أن تكون كافة طرقات بلدنا مبنيّة بأسلوب التعشيب نظراً لما يحقّقه ذلك الأسلوب من جمال وأمان وراحة نفسيّة للمشاة ، إلاأنني لا أنكر ضرورة تزفيت بعض الطرق لغايات التّنقّل بواسطة السيارات والباصات ، ولذلك لن أنزعج اذا قام مهندسي الطرق في بلدنا بإنشاء شارع يمر من فوق الدوار الرابع مروراً بالعبدلي باستخدام الأسلوبينمعاً ، وذلك بتفتيت الصخور وردم الحفر وإغلاق الجحور بالاسمنت المسلّح ومن ثم وضع طبقة غليظة من الزفت الأصلي لضمان عدم تصدّعها أو تشقّقها على مرّ الزمن ، ولا مانع من تسمية ذلك الطريق ( شارع الإصلاح ) .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى