العامل البشري والثقة بالقائد في حروب المستقبل . . !

العامل البشري والثقة بالقائد في حروب المستقبل . . !
موسى العدوان
ألغت #الدول #العربية في العقود الثلاث الأخيرة إستراتيجيتها للحرب، واستبدلتها بإستراتيجية #السلام الموهوم، خاصة بعد إعلان الرئيس السادات في سبعينات القرن الماضي، أن #حرب #أكتوبر هي آخر #الحروب العربية الإسرائيلية. وبناء عليه راحت تلك الدول تخفض قواتها المسلحة وتحوّر عقيدتها القتالية إلى عدو خيالي ليس له وجود، ثم وجهت اهتمامها إلى عمليات الأمن الداخلي ومكافحة #الإرهاب. ولهذا راحت تضخيم بحجم قواتها الأمنية، وتزودها بأحدث الآليات المصفحة والمعدات المتطورة، لتشكل منها جيشا أمنيا يفوق بعدده وتسليحه جيشها التقليدي.
وإذا ما نظرنا إلى العدو الإسرائيلي الذي لبس ثوب الصديق الحميم، سنجد أنه لم يخفض قواته المسلحة كما فعلت الدول العربية، بل عزز قوتها وطور تسليحها في البر والجو والبحر، تدعمه قوات احتياطية مدربة من المواطنين رجالا ونساء يمكنها أن تدخل العمل في وقت قياسي في حالة الطوارئ.
والقوات الإسرائيلية تضطلع بمهمة كبيرة، أساسها المشروع الصهيوني التوسعي، الذي ليس له حدود معروفة حتى الآن، فقد قال الآباء الإسرائيليون الأوائل : ( حدود إسرائيل هي في المكان الذي يضع الجندي الإسرائيلي قدمه ). أمّا الدول العربية التي تتسابق اليوم، فيمن يحظى باتفاق سلام زائف مع العدو قبل غيره، ستدفع الثمن غاليا في المستقبل، على حساب مصير أوطانها وشعوبها.
ومن أهم العوامل التي يتم الاعتماد عليها في الحرب حين وقوعها، ليس عامل الأسلحة والمعدات المتطورة فحسب، بل العامل البشري الذي يجب أن توجه إليه جهود حثيثة، لإعداده وتدريبيا عمليا ونفسيا لأية مواجهة مع العدو قد تقع في المستقبل.
وفي هذا المجال دعونا نعود لما قاله القائد البريطاني الشهير المارشال مونتغمري، من خلال خبرته الطويلة في الحرب، رغم اختلاف الظروف والأسلحة بين الماضي والحاضر، وأقتبس : ” في الحرب ليس مفتاح النجاح تزويد الجنود بالدبابات والمدافع وغير ذلك من أنواع العتاد، ولا شك أننا نحتاج إلى دبابات جيدة ومدافع جيدة، ولكن العنصر الأساسي بالفعل هو الإنسان الجالس داخل الدبابة، والإنسان الواقف خلف المدفع، إنه الإنسان الذي يُعتدّ به لا الآلة وحدها.
إن الدبابة والرجال في داخلها يؤلفون فريقا واحدا. إن أفضل دبابة في العالم لا فائدة منها إذا كان جنودها غير مدربين، ولا يتمتعون بالشجاعة والإقدام. إن من أهم عوامل النجاح في الحرب هو العامل البشري. فقائد الجيوش لديه رجال، وعليه يتوقف ما يستطيع أن يحرزه منهم.
فإذا كان هؤلاء الرجال حاضري الذهن، وإذا كانوا أشداء صامدين مدربين على القتال، وإذا كانوا متحمسين، مفعمين بذاك التفاؤل المعدي، وذاك الحماس الهجومي، الناشئ عن الوضع الصحي الجيد، ثم أعطيت هؤلاء الرجال الأسلحة والأعتدة الملائمة، فليس هناك ما لا تستطيع فعله. ولكن هناك شرطان أساسيان يجب توفرهما في هذهالحالة هما :
أولا – يجب أن يؤمنوا بالله وأن يكونوا مقتنعين بعدالة قضيتهم.
ثانيا – يجب أن تسود ثقة متبادلة بين القائد الأعلى وقواته. وكل تدبير يُتخذ لخلق هذه الثقة سيكون ذا فائدة. وعندما تحرز هذه الثقة . . تستطيع أن تطلب من الجنود الذين تقودهم كل شيء. إن النجاح هو سبيل أكيد لكسب ثقة الجنود، وأعتقد أن أفضل وسائل الحصول عليه، دراسة الحاضر والعودة إلى التاريخ. إن دراسة الكوارث العسكرية التي حلّت بنا في الماضي، تظهر أنها تعود بصورة رئيسية :
• إلى أخطاء اقترفتها القيادة العامة.
• أو إلى عمل رديء من جانب أركان الحرب.
• أو إلى عامل بشري أهمل شأنه.
• وفي بعض الأحيان إلى هذه الأسباب الثلاثة مجتمعة.
وإذا أنت قلت للجندي ماذا تنتظر منه وقدته بحكمة إلى القتال، فسيقوم بمهمته على أكمل وجه. إن الجندي البريطاني سهل الانقياد، وهو يحب أن يُقاد، سريع التلبية للقيادة، ولا يخيّبك أبدا عندما تكسب ثقته، إنه في صف المقاتلين جندي ممتاز. وعندما يتجمع المقاتلون من الإمبراطورية لخوض المعركة، فالنتيجة النهائية في النجاح لا تحتمل أي شك “. انتهى الاقتباس.
* * *
التعليق :

  1. السلام الذي تهرول إليه الأنظمة العربية، لن يكون سلاما حقيقيا يعيد الحق لأهله ويحقق العدل لأصحابه، بل سيكون سلاما هلاميا، يحمل في مضامينه مشروعا صهيونيا توسعيا، وضع أسسه الآباء الإسرائيليون القدماء، وينفذه الأبناء اللاحقون بصورة متدرجة، لخلق حلم الوطن اليهودي الكبير في قادم الأيام.
  2. إذا كانت النوايا الإسرائيلية تسعى للسلام الحقيقي مع جيرانها العرب، فلماذا لا تخفف من حجم قواتها العسكرية كما تفعل الدول العربية، بعد أن عقدت اتفاقيات سلام متعددة كان من بينها ” اتفاقية سلام إبراهيم ” مع دولة الإمارات العربية والحبل على الجرار ؟
  3. لقد قيل : ” إذا أردت السلام فاستعد للحرب “. أما أن تركن إلى السلام المزعوم مع عدو لا يؤتمن جانبه، وتخفض من قواتك العسكرية درع الوطن، وتغير إستراتيجيتها وعقيدتها العسكرية، بينما عدوك الذي يلبس كذبا ثوب الصديق، يعزز قدرات قواته مع مرور الزمن، فهذا طريق يوصلك إلى الانتحار في المستقبل القريب أو البعيد.
  4. المطلوب من الدول العربية، أن تعزز قدراتها العسكرية كما يفعل العدو لا أن تخفضها، وأن تعمل على تعبئة الجيل الناشئ بالوعي وبالروح القتالية العالية للدفاع عن وطنه، بغض النظر عن نجاح أو فشل ما يسمى باتفاقات سلام معقودة بين حكومات، دون استفتاء لشعوبها في سلام موهوم . . !
    التاريخ : 24 / 7 / 2021

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. إذا أردت السلام فاستعد للحرب – هذه سياسة كل الدول العظمى على مدى التاريخ. مثل الرادع النووي بين الولايات المتحدة وروسيا

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى