العالم عاجز أمام الكورونا

العالم عاجز أمام الكورونا
المهندس علي ابوصعيليك

عشنا في الأردن حلما جميلا أمتد على مدار ثمانية أيام وبدأت فعلا مظاهر الحياة بالعودة تدريجيا وارتفع سقف التوقعات كثيرا وكان الكثيرون يتحدثون بثقة بأن الأردن خالية من الكورونا وفجأة استيقظنا على كابوس مؤلم وانتكست أحلامنا من كورونا جاءت من خارج الأردن مع مواطن اردني يعمل سائقا وهذا يؤكد ان وجود حالة واحدة من الكورونا يعني أننا لسنا في مأمن منها وأيضا إن الجهود لمكافحة الكورونا عالميا لا تزال تدار بشكل وطني وليس تكاملي دولي والدليل من الأردن هو وصول حالات يومية مع السائقين القادمين من السعودية حاملين فيروس الكورونا ولو كانت الجهود تكاملية دولية وفيها تنسيق على أرض الواقع وليس فقط في المؤتمرات الصحفيه لما سمح لسائق مصاب الكورونا من مغادرة بلد ما!
يتحدث المسئولون في الأردن منذ بداية الأزمة عن كفاية المخزون الغذائي ولفترة زمنية طويلة ولذلك نتساءل عن طبيعة الحركة التجارية التي تتم حاليا بين الأردن والسعودية وهي التي تسببت في انتكاسة الجهود الوطنية الاردنية للقضاء على الكورونا بنظام التباعد وليس بعلاج طبي وأيضا نتساءل عن التنسيق بين الاردن والسعودية ولماذا يضطر السائق لدفع مبلغ كبير لإجراء فحص الكورونا مع الاخذ بعين الاعتبار ان السائق إمكانياته بسيطة مقابل الإمكانيات المادية الهائلة للمملكة والسؤال الأهم هنا أين ما يسمى جامعة الدول العربية في هذه الأزمة وأين التنسيق العربي الحقيقي للتعاون في هذه الجائحة ولم نسمع عن جهد جماعي بقدر بعض الجهود الفردية هنا وهناك.
قيل منذ بداية الكورونا انها ازمة عالمية وليست محلية والكورونا زائر ثقيل لا يحتاج لجواز سفر ولذلك فإن الجهود الوطنية المحلية في أي دولة لن تكون كافية إلا مؤقتا كما حدث في الأردن وإذا استطاعت الاردن ايجاد حل لمشكلة دخول السائقين من الحدود البرية السعودية فإن هذا الحل سيكون مؤقتا لأن الكورونا سبق ان دخلت من منافذ اخرى ولذلك فان دول العالم ككل يجب ان تمنع سفر أي مصاب بالكورونا وأن يتم توفير الفحص للمسافر بشكل مجاني فهو غير مكلف ابدا إذا ما تمت مقارنة التكلفة بالآثار السلبية الكارثية على الاقتصاد المحلي نتيجة الاغلاق ومنع التجول وإيقاف عجلة الانتاج.
عود على ذي بدء وكما بدأت الأزمة محليا بسلسلة اجراءات صارمة قد تعود هذه الإجراءات بكل بساطة وتعكر صفو المواطن الذي تقول الحكومة بأنها تعول على وعيه ومن يخرج من بيته لشراء بعض الحاجيات يتساءل هل فعلا هناك ما يسمى وعي للمواطن في مجتمعات يغلب عليها الطابع العشائري؟ فهناك تزاحم في الاسواق فعليا ولا يوجد نظام التباعد الاجتماعي إلا في نطاق بسيط بسبب وجود نظام عقوبات صارم مثل البنوك والمولات وثقافة الإنسان الأردني متقاربة جدا وبدون صرامة في الإجراءات وعقوبات مالية لن يكون هناك التزام إلا من القلة القليلة، وحتى فرنسا الدولة التي يعتبر مواطنيها مدنيين متحضرين أبلغت محطة سكك القطارات الهيئات الأمنية أنها لا تستطيع ضمان التباعد الاجتماعي داخل القطارات بدون وجود رجال أمن ونظام عقوبات رادع، وهنا نتساءل ايضا عن وعي الحكومة في طريقة التعامل مع الوافدين وهم الطريقة الوحيدة لدخول الكورونا.
الحديث عن الوعي لا يمكن المراهنة عليه وأزمة الكورونا عالمية تثبت يوميا بأن كل دول العالم فشلت لغاية الان في القضاء عليها وحتى الصين ليست في مأمن منها ومن قال عكس ذلك فإن حديثة مؤقت حيث تعود الانتكاسة من مدخل اخر وقد نتفاجئ قريبا بطريقة جديدة لدخولها وهو ما يؤكد الحاجة للتنسيق الدولي وليس البقاء ضمن الإطار المحلي.
aliabusaleek@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى