تعب الحصادين / كامل عباسي

تعب الحصادين

في مثل هذه الأيام تنضج الدوالي وتتحصن القطوف بالسكر .
في بيتنا كانت دالية عنبها اسود تلتصق بها خابية كبيرة من الزمن العثماني وبعض عشوش الحمام الأقرب لحمام الشام ودوالي الشام .
كانت الحصن قرية على شكل دولة يرفدها سهل حوران بالقمح والكرامة والخبز المعجون بماء السماء وأيدي الجدات والأمهات ، وبيادرنا محافظات يتولاها الحصاد والرجاد والدراس والقمح المنثور للعصافير .
وأحلى الصبايا يقصلْن عالبيادر يصنعن قُبة للعكوب وللخبز وأطباق القش الملون .
في الصباح تثعب رائحة الدخان من افران القرية وتنتشر رائحة الخبز المغمس بالتعب والزيت ، وابريق الشاي على اطراف النار يغلي بهدوء ، ولبن القطيع من شِكوة مُعلقة بعِرق الدالية .
الزيت من البلد والخبز من تعبنا واللبن من حلال متربي عالغالي بحوش الدار ، حتى زبل الفرن وطني وسمامة الفرن صناعة وطنية قبل ان تقتحمنا الصناعات الصينية .
والبرغل والمجدرة من تعبنا والبصل من الحواكير ،كان البصل حارا يدمع العين لم يكن في قريتنا كهرباء كانت الفوانيس خلال الليل ترتبط بعناق مع السماء وسراج نمرة 3 والشمعدان .
والفرن من تراب الحزريا المتوفر في بعض قرى الشمال تصنعه بعض نساء القرية وثمنه خمسة عشر قرشا وفي بعض الأحيان بالتقسيط المريح كل شهر شلن او صاع قمح .
كان اكبر مسؤول بالحصن شاويش المخفر ولم نكن نحتاج لخدماته الا ما ندر كانت اعراف القرية اكبر من القانون واللصوص يخجلون والقرية تنام على سطوح بيوتها .
ولحفلات العرس حكايات وليلة الحِنا
يتبع

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى