الماضي ماذا نحتاج منه..؟
ا.د حسين طه محادين
الماضي بُعد الزمن البعيد عنا حاضرنا كثيرا ،ولم يبق منه سوى قصص وامثلة شفاهية، بعضها يتفق مع العقل والعِلم ،وغيرها اسطوري لا يحتمل تداوله او تقليده في الوقت الراهن، وكثيرا ما نسمع عبر تواتر احاديث وموقف حياتية كثيرة لم نشهدها، وانما وصلتنا بشكل لايصدق، قصص عن اسلاف نحترم جُلهم لكننا لاينبغي تقديسهم بالوقت ذاته.
-مهم ان نطلع على قصص الماضي العالمي، ومواقف رجالاته، ومنجزات العلماء عبر الاجيال التي اسست للعلم الحالي في مختلف حقوله، والمعارف المختلفة ايضا التي سهلت حياة البشر على هذه الارض من خلال مساهمات الاخيار من السابقين والذين بقيت انجازاتهم العلمية حاضرة من الماضي الى الوقت الحالي وهم قِلة ايضا.
اخيرا..لاننا عربا ومسلمين مواطنيين ومسؤولين نعيش ازمة حضارية جراء ما نعيشه من ضعف وهواب واستلاب لعقولنا ومواردنا وكراماتنا امام ما تقدمت علينا به الامم الاخرى من قيم انسانية وتكنولوجية وتنظيمات قانونية مفعلة جعلت مواطنيها في مستوى متميز من العيش والحيوات الكريمة،فان عقلنا الفردي والجمعي عربا ومسلمين يهرب الى الماضي وبصورة اجترارية لاتُجيب بالعلم والتي هي احسن على تحديات حاضرنا في حرية الانسان، او الممارسات الديمقراطية غير الصورية، او حتى اختطاط العلم منهجا للاجابة على اسئلة الفقر وامراضه المصاحبة له، وادارة ثروات البلاد ومصائر العباد بعدالة..كل ذلك دفع جُلنا الى الذهاب للماضي كهروب جمعي يعبر عن عجزنا افرادا ودول عن الاجابة عن مبررات غياب رغيف العيش الكريم في يوميات اهلنا من الخليج الى المحيط، علاوة على تآكل قيم العلم الهادف لمنفعة الانسان رغم كثرة مدارسنا وجامعاتنا، وهشاشة استقلالية سيادتنا على ثرواتنا وبلادنا المنخورة بالياس وضبابية المستقبل للاسف.
اخيرا..الماضي ليس التغني الساذج فيه لانه لايكلفنا جهدا ولا مطلوب منا اثباته لانه مبعث لخدرنا القائم للاسف.
الماضي باجتهادي هو ما كل يُفيدنا في حاضر حياتنا كعلم نافع يدفعنا كأبناء امة العلم والعلماء نحو المستقبل المشتهى ،وهذا هو جهادنا الاكبر مع انفسنا نحو التطور وتحقيق قيمة الانسان الذي كرمه الخالق عز وجل وهذا هو المطلوب ..فهل نحن فاعلون؟.
– عميد كلية العلوم الاجتماعية-جامعة مؤتة.
-عضو مجلس محافظة الكرك”اللامركزية”.
