.الفزاعة

[review]النص الأصلي لمقال اليوم الثلاثاء 26-8-2008-الرأي

تناولت مختلف وسائل الإعلام العربية خبر وصول سفينتي السلام : "ليبرتي" و"غزة حرة"، إلى ميناء غزّة المحاصر بكل جرأة و"قوّة عين"..وكأن غزّة بقعة من المرّيخ وأن هؤلاء الواصلين هم مجرد رواد فضاء…
 لم اصمد أمام الخبر حتى نهايته ، لقد خبأت وجهي في الوسادة خجلاً من نفسي ، ومسحت عرق جبيني بأكمام قميصي..بصراحة أكثر لقد أشتعل جلدي من حرارة الحياء..عندما شاهدت ناشطاً أوروبياً يحمل علم فلسطين ويرفرف به قبالة الشواطئ..بينما نحن قاعدون هنا: "….عجول".
 
فتى فلسطيني "يعبط" ألمانياً لأن الأخير نجح وكسر الحصار عنه،وآخر يعانق انجليزياً لأنه ركب البحر ليقول أنتم على حق ، وآخر صافح امريكياً لأنه تجاهل البندقية وخفر السواحل..بينما العرب يعانقون "ريموتاتهم" وأقمارهم الصناعية بمنتهى الحياد.. قديما قالوا: ( رب أخٍ لم تلده أمك) ولو عرفوا بما سيؤول اليه حالنا لقالوا: (ربّ أخٍ لك لم تلده "أمّتك" )..
 
تجمّعوا في قبرص من كل دول العالم – باستثناء الدول العربية طبعاً – ماج بهم البحر ، وقطعت عنهم الاتصالات ، ضحّوا بأعمالهم وأوقاتهم وأولادهم وزوجاتهم من أجل أن يقولوا "الحرية لغزّة"..فرنسيون وأنجليز وأمريكان وألمان وأسبان قطعوا ألآف الكيلو مترات ، ليتحدّوا الفزّاعة الإسرائيلية، وليثبتوا للعصافير الخائفة أن الظل المتشكل من غياب شمس الحرية هو أجبن من أن يواجه أو يَقتل ، هو مجردّ ظل لا أكثر..وإسرائيل هي ظلّ الظلّ..
 ”خجلتمونا” يا أشقاء العدالة، و لقنتمونا برحلتكم هذه درساً لا ينسى في ”صلة الرحم” العربي، وحصة إضافية في منهاج الضعف القومي، لقد سحبتم مفتاح ”المنبه” من مكانه وجعلتم الزمن يرنّ طويلاً في آذاننا بصوت يشبه النعيق.

هل تقبلوني معكم عضواً في السلام الأخضر ..في السلام الأزرق ..في السلام المقلّم..في السلام الكروهات..اقبلوني تحت أي لون..المهمّ الاّ أبقى كعربي ”بملابس الانكسار السادة ” المخاطة بقماش الهزيمة الأزلي..

أحمد حسن الزعبي

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى