أمننا المجتمعي في خطر / منال كشت

أمننا المجتمعي في خطر
منال كشت

منذ ان بدأ اضراب المعلمين انتشرت ردود افعال “أشكال الوان” من التيار المضاد، فتارة يخرج علينا مجموعة من أصحاب العبي “الناصعة البياض” في اضراب لأهالي ضد المعلمين، وتارة أخرى ترفع مجموعة من السيدات يافطات “مبهرجة مدفوعة” من نائب من المفترض انه يمثل أعلى سلطة في البلد وفقا للدستور، ولاحقا تخرج مجموعة من المعلمات بقسم غريب عجيب لتأكيد ولائهن لنقابة المعلمين، أضف الى تلك الكومة الصحفيين “المرتزقة” الذين وظفوا ألسنتهم، التي شتمت البلد ذات يوم ليس ببعيد، لشيطنة حراك المعلمين.

وجود مثل هذه التصرفات يثير العديد من التساؤلات فيما يختص بأمننا المجتمعي ويدفعنا للتفحص في ما وراءها من دوافع وأسباب؟ ان وجود تيار معاكس لتيار المعلمين هو امر طبيعي ومشروع؛ فالحديث منقسم ما بين الأولوية في حق التعلم لابنائنا الطلبة وما بين الأولوية في تحصيل حقوق المعلمين، وفيما يبدو فإن الطرفين لديهما من الحجج والأدلة ما تثبت صحة وجهة نظرهما.

ما هو مرعب حقا استغلال البعض لحاجة الناس وتوظيفهم لتحقيق مصالحه؛ ان قيام نائب بشراء ذمم بعض السيدات “المعوزات” للخروج في اعتصام يعني اخراجهن من منظومة اخلاقية سوية تجيز لهن لاحقا بيع “هذه الذمة” مقابل اي شيء اخر، مما يهدم منظومة أسرية كاملة ويؤدي الى فساد المجتمع.

مقالات ذات صلة

أضف الى ذلك قيام بعض الدكاكين الاعلامية والأقلام المرتزقة بشن حملة “زائفة” ضد المعلمين من خلال توظيف مجموعة من الاطفال “لتكرار” ما يقوله المذيع مخالفين بذلك كل حقوق الطفل ومعايير المهنية والمصداقية الصحفية، كيف لنا بعد ذلك اذن ان نقنع هؤلاء الاطفال بأن الاعلام سلطة رابعة مستقلة ونزيهة؟

الأسوأ من هذا وذاك هي الحرب الفيسبوكية الضروس ما بين المؤيديين والمعارضيين لحراك المعلمين وعدم تقبل الرأي الاخر وانعدام التعامل بأدنى درجات الاحترام في النقاش، أضف الى ذلك وصف المؤيديين “بالمخربين” ووصف المعارضين “بالمسحجين”، وكأن الخلاف هو صراع بقاء بين الطرفين.

لقد فتح فشل الحكومة بكافة أذرعها في إدارة ملف المعلمين وتعنتهم في التعامل مع الموضوع الباب على مصراعيه لخلق حالة واسعة من انعدام الامن المجتمعي. واستذكر هنا مقال لمعالي الدكتور محمد ابو رمان منذ اكثر من ثمان سنوات عندما تحدث عن الخطر الذي يتهدد الامن المجتمعي وتحدثه عن مفهوم “السلامة الوطنية” وضرورة بناء منظور امني جديد متكامل وشامل بعيدا عن الترهات التي نشهدها اليوم.

ما يحدث اليوم فعليا هو هزة عنيفة للامن المجتمعي وضربة قاصمة للعقد الاجتماعي ما بين المواطن والدولة. ان شيطنة حراك المعلمين المشروع سيعود بالكثير من الآثار السلبية على المنظومة المجتمعية الأخلاقية وينبغي على الحكومة اليوم ان تتعامل بحكمة وموضوعية اكبر في هذا الملف، بعيدا عن التهديدات بحل النقابة او اللجوء الى القانون ناهيك عن استخدام “حركات الولدنة” المكشوفة، لأن من شأن ذلك أن يساهم في زيادة التأزيم ودفع المزيد من الأردنيين نحو الشارع مسببا ما لا يحمد عقباه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى