القبضة الأمنية واستغلال الظروف / موسى العدوان

القبضة الأمنية واستغلال الظروف

بمناسبة تشديد القبضة الأمنية وزج الحراكيين في السجون سأقدم لهم نصيحة الزعيم جواهر لال نهرو محرر الهند، وكيف استفاد من فترة السجن، حيث تفتقت قريحته من خلال الرسائل التي أرسلها لإبنته انديرا ذات العشر سنوات، ولم يطلب من المستعمر البريطاني فك أسره من السجن. فيقول جواهر لال نهرو في رسالته المؤرخة في 1 يناير 1934 ما يلي وأقتبس :

” إن لحياة السجن فوائدها الجمة لأنها تهيء جوا من الراحة والعزلة. أم مساوئها فبينة واضحة، أن السجن يخلو من المكتبات أو المراجع التي يستعين بها السجين، وهذا يجعل الكتابة في أي موضوع وخصوصا موضوع التاريخ، عملا شاقا أقرب إلى الجنون. لقد وصلتني بعض الكتب ولكني لم اسنطع أن أحتفظ بها.

فمنذ اثني عشر عاما حينما بدأت مع عدد كبير من المواطنين والمواطنات الحج إلى السجون، نمت عندي عادة كتابة الملاحظات حول الكتب التب أقرأها. وتكاثرت هذه الملاحظات، وكانت اكبر عون لي يوم شرعت أكتب. وهناك من الكتب الأخرى ما استفدت منه فائدة جمة، وأهمها مختصر التاريخ لمؤبفه د . ج . ويلز, ولكني كنت في مسيس الحاجة إلى المراجع، ولهذا كان السياق يضطرب معي مرارا فأضطر إلى تجاوز فترات معينة من التالريخ.

وهذه رسائل شخصية، وفيها من كلام القلوب ما كان موجها لإبنتي فقط. ولا أدري ما الذي أفعله بهذه الأقسام فإن حذفها أمر صعب، ولا يسعني إلا الإبقاء عليها. والسكون يقود إلى التأمل ويثير شتى الانفعالات النفسية. وأخشى أن تظهر هذه الانفعالات النفسية. وأخشىأن تظهر هذه الانفاعالات المتذبذبة في هذه الرسائل . . .” . انتهى الاقتباس.

* * *
التعليق :
أتمنى على الشباب المعتقلين أن لا ينزعجوا من الاعتقال، بل عليهم أن يعتبرونه فترة سكون وتأمّل بعيدا عن الضجيج، فيستغلونه بزيادة مخزونهم الثقافي، والطلب من أهاليهم وزوارهم تزويدهم بالكتب التي يحتاجونها، لا سيما وأن معظم المعتقلين يحملون شهادات علمية عالية، وسباقون في نصرة القضايا السياسية والاجتماعية التي لها مساس بمصالح الوطن.

زوار الفجر لبيوت المواطنين من نشطاء الحراك السياسي، وترويع نسائهم وأطفالهم، أسلوب يخالف كل الشرائع السماوية، وليس عملا محمودا في التقاليد والعادات العشائرية وفي القوانين الإنسانية.

الأساليب الأمنية الخشنة مرفوضة، وهي لم تكن في يوم من الأيام حلا لأية أزمة أو مشكلة، بل أنها تعقد الأزمة وتزيد من الاحتقان لدى المواطنين وقد تتطور لما هو أسوأ. الحوار والتفاهم بين مختلف الأطراف هو الأسلوب الأفضل، الذي يحل الأزمات ويخلق جواا وديا يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار. وهذا ما نرجو اتباعه من قبل المسؤولين، والإفراج عن جميع معتقلي الرأي، والعمل على توحيد الصفوف، وزيادة اللُحمة بين المواطنين في هذه الظروف الخطيرة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى