الدولة وحرية الابداع

الدولة وحرية الابداع

جمال الحداد

للابداعِ الفضلُ في تجاوزِ مشكلاتِ الانسانِ وتجاوزِ ازمات الدول، فهو الذي نقل الانسانَ من الصيدِ الى الزراعةِ، وجعل من الدول النامية دولاً متقدمةً وهو من جعل الانسان ينتقلُ منَ التخلفِ الى التقدمِ.

بعض الدول قد  تسرقُ الابداعَ من ابنائها! وذلك عن طريقِ القمعِ وسلبِ الحريةِ، وهذا ما وجدته اساس تخلفنا الحالي، لكن في القرون الماضية كانَ سببُ التخلفِ مختلفٌ، لان الابداعَ كان موجود ولكن التنافس وحب السيطرة والسلطة هو السبب الذي ادى الى سقوطِ الدول.

مقالات ذات صلة

يقول مصطفى سويف”اما ان نبدع فنبقى او لا نبدع فنفنى” فنحن لا نُنكرُ ابداعَ الافرادِ في المجتمعات العرببية فهو ذو مستوى عالٍ مقارنة بالضغط الذي يسلط عليهم، لكنه اذا ما قورن بدولة صغيرة باوروبا وجدنا ان هناك فجوة ملحوظة.

الحضارات بقاؤها مرهون بابداع ابنائها وليس على حفظ تراثها، لان التراث قد يكون ابداع قديم، ولنواكب الامم ونتسابق معها او نسبقها فلا بد من مضاعفة ابداعاتنا، وكما يقول مراد وهبة انه “اذا توقف الابداع، انتهت الحضارة”.

والابداع والخيال عند الابناء هو اغلى رصيد قد تمتلكه الامم بشريطة سماح السلطة بذلك وتوفير الفرص.
قد نقول بان اليابان افضل دولة استثمرت ابداع الانسان، وجاء ذلك بفضل الحرب التي انهت وجودها في حقبة من الزمن، وجعلت من الدولة مكان يخلوا من اي انتاج او تراث او ثروات،  وعلى مر جيلين فقط استطاعت ان تنهض وتجاري افضل الدول في العالم، وكل ذلك واليابان تعتبر من افقر دول العالم في الثروات الطبيعية، ولكن استثمرت عقل الانسان.

والابداع يثري الحياة ويجملها ويعمل على اسعاد البشرية،
واذا غابت الحرية غاب الابداع، وهذه جميعها حقائق لا بد من ادراكها، هناك دول تبدع فتزهر ودول لا تبدع فتموت.
والقمع هو مرض الابداع فهو لا يولد ابداعاً او فكراً بل ينتج اتباع مسيرين غير مقررين او مختارين او منتجين، فلا بد من اعطاء الحرية وتوفير الفرص والحماية.

مشاكل البطالة وقلة فرص العمل اساسها نقص الابداع عند الافراد واساس ذلك فشل الدولة، الدول التي تكون نسبة البطالة فيها قليل، ليس ذلك بسبب توفر فرص العمل وانما ذلك يكون عائده على ابداع الدولة اولا في توفيرها للفرص واعطائها للحرية في التفكير وعرض الآراء، وعلى ابنائها ثانياً في التفكير والانتاج.

تعتبر الدول العربية دول متأخرة في الابداع وقد نقول بانها دول لا تبدع لان شرط الحكم بين الدول هو معياري وليس محكي  فنستخدم المقارنة في الحكم على الدول، ولكن اذا ما قورنت بنفسها قد نجدها منتجة، لكنَ هذا الانتاج لا يمكنُ الثناءُ عليه.

والابداع هدفه طويل المدى، ولنرى دوله يبرز فيها الابداع نحتاج لتربية جيل كامل على التفكير بحرية، وعدم الاخضاع للسلطة، وتشكيل قادة مؤثرين لا اتباع كالقطيع مسيرين لا مخيرين، ونحن الان عكس ذلك، فنرى حتى في المؤسسات الصغيرة  يخضع افراده للمدير بحجة الخوف من ترك الوظيفة او ما شابه من مثل هذه الحجج وقد لا نرى اي شخص قد يبدي رأيه او معارضته او حتى معرفته لسبب ما، هذا كله جعل من المجتمعات العربية مكان في التبعية والاستبداد و يخلو من الحرية و القيادة والتأثير.
وأخيراً، فالمشكلة كلها عائدة على الدولة و الافراد، على الدولة بخوفها على السلطة وعدم منح الحقوق، وعلى الافراد في الصمت عن اخذ الحقوق والمطالبة بها.

جمال الحداد
الجامعة الهاشمية/ كلية الملكة رانيا للطفولة
jamalalhaddad56@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى