الخروج الى الرابع ليس للنزهة، انه اكبر اختبار للدولة

الخروج الى الرابع ليس للنزهة، انه اكبر اختبار للدولة
انهم شباب الوطن رجالاً ونساءً ، خرجوا ليرسموا على الارض احلامهم

طاهر العدوان

المسألة ليست ان تكون مع الملك او لا تكون حتى نعود بالبلد الى مسيرات ولاء ومعارضة تقود الى صدامات في الشوارع كما حدث في عام ٢٠١١ ..هذه لعبة خطيرة ومفضوحة ومُدانة وهي في هذا الظرف خطيرة والأمل ان يتصدى لها الرئيس المكلف قبل ان تتوسع فتتبخر كل مساعيه قبل ان يبدأ . مثل هذه المسيرات ( المفتعلة ) خطيرة ، خاصة اذا كان من يقف خلفها من هم السبب في وضع عنق البلد بقبضة الصندوق المشؤوم ، انصاعوا لإغراءاته وامتثلوا لتهديداته ولَم يكن الشعب في حساباتهم في يوم من الأيام ،انما جيوبهم ومصالحهم وارتباطاتهم الخارجية . لا خلاف أردني -أردني على الملك وان من يسير مسيرات الولاء هو من يريد ان يصنع هذا الخلاف وهذا امر خطير .

المسألة هي ان نقف جميعاً ، الملك والدولة والشعب على ارضية واحدة ، وطنية وصلبة تتبنى التغيير والإصلاح الحقيقي والوقوف بوجه املاءات صندوق النقد والدول التي تقف خلفه من اجل تجويع الشعب الأردني وتركيعه ( لشئ في نفس يعقوب ) .

المسؤولية اليوم ، ومهما آلت اليه مظاهرات الاردن ، ان شراً وفوضى لا سمح الله ، او خير ان شاء الله ، هي مسؤولية الدولة واجهزتها ،والحكومة وفريقها، لانها هي من يقود سفينة الوطن في البحر الهادئ او المتلاطم ، لا مسؤولية على من يتظاهر الا اذا ارتكب عنفاً ، فالقانون سيد فوق الجميع ، لكنها تظل مسؤولية صاحب القرار في ان يفتح طريقاً آمناً في الحاضر والمستقبل .

اجهزة الدولة والحكومة تقع في خطأ جسيم ان اعتقدت بان عشرات الاف الشباب الذين يخرجون كل مساء الى الدوار الرابع وشوارع هذا الوطن ،من شماله الى جنوبه ،وهم يهتفون ويصدحون بالاهازيج الوطنية انما يفعلون ذلك للتنزه وقضاء اُمسية رمضانية ، لا ، هذا وهمٌ يكاد ان يكون من فعل وساوس الشياطين ، وهم يجب إقصائه .. ،انهم شباب الوطن رجالا ونساءً ، خرجوا ليرسموا على الارض احلامهم بوطن قوي عزيز كريم ، وطن يصنعونه بايديهم ، يشاركون في بنائه بعقولهم وارادتهم بعد ان بلغ السيل الزبى من نخبة ليبرالية متوحشة تسلمت الاقتصاد الوطني معافى من برامج الصندوق في عام ٢٠٠٣ واذا بها تقود البلد الى مديونية أنتجها فشل في الاستثمار وفشل في الإصلاح وفساد أقام واستفحل .

– الاف الشباب يخرجون للدوار الرابع ، منذ أسبوع ، ليس للنزهة ، انما ليختبروا دولتهم ، ان كانت قادرة على استيعاب غضبهم وتأمين الامن والامان لحناجرهم التي تحمل فكرهم ومشاعرهم الصادقة ، ان تمادوا في شعاراتهم ومطالبهم ، فليتسعً صدر الدولة لهم ، فهذا احد ثمار الفقر السياسي الذي يسود البلد منذ سنوات طويلة تحت ظل إصلاحات رسمية ابتعدت عن جوهر الديموقراطية الف ميل . نأمل ان تنجح الدولة في هذا الاختبار ! وهي قد نجحت حتى اليوم .

– الاف الشباب يخرجون كل ليلة في جميع مدن المملكة وريفها وباديتها وهم يرفعون نفس الشعارات ، يفعلون ذلك من اجل ان يستيقظ كل من هو في موقع القرار ليفكر بما يطالب به الاردنيون ولكي يتحركوا ويتخذوا الخطوات والقرارات التي تقنعهم بان صوتا الشعب قد وصل وبان ارادته ستحترم ، ويخطئ ، كل من هو في موقع القرار ، ان اعتقد بان الامر عادي وان ليس بالإمكان أحسن مما كان ، وأنهاه مجرد احداث عابرة ، فتقوده أوهامه الخاطئة الى سياسات المراوغة وكسب الوقت والإصغاء لأصوات المنافقين والفاسدين . وهذا ما خرب البلاد والعباد في دول قريبة وبعيدة .

ليعرف هؤلاء بان هذه السيول من المتظاهرين لم تخرج لكي تستسلم امام الضغوط أنّى أتت ، لكنها خرجت ، وبهذا الزخم الذي لم يشهده الاردن منذ ٧ عقود ، كي تُبلَّغ أولي الامر بأنهم امام صحوة وطنية كبرى ، قد تتراجع او قد ( تُقمع لا سمح الله ) لكن الشعب الأردني منذ حزيران ٢٠١٨ هو غيره في جميع العقود السابقة ، أعيدوا حساباتكم يا اصحاب القرار بكثير من الجدية وبقدر عظيم من المسؤولية .

التشكيك بالشعب الأردني :

—————-

تنتشر الاقاويل التي تتحدث عن مندسين بين الجماهير وهذا قد يكون صحيحا ً ، ومن الخطأ تجاهله ، هناك دول لها عملاءوها ، ومنها اسرائيل ودوّل اخرى مجاورة وغير مجاورة ، لكننا نُهين الاردنيين بالمزاعم القائلة بان هؤلاء المندسون هم هؤلاء الألوف المؤلفة من الشباب الذين يخرجون كل ليلة الشباب ..المندسون ان وجدوا هم قلة او حفنة ، ومسؤولية القبض عليهم او فضحهم وتعريفهم هي مسؤولية الدولة واجهزتها وليست مسؤولية مواطنيين يصطحبون اخوتهم وابناءهم وبناتهم واباٍئهم ليعبروا بشكل سلمي عن مطالب وطنية لم يتوقف الاردنيون عن المطالبة بها منذ عقود . وأفضل عمل لقطع الطريق على هؤلاء المندسين هو الاسراع في اتخاذ ما يلزم من القرارات التي تستجيب لمطالب الاردنيين وتدفعهم لوقف التظاهر .

وهناك من يتحدث عن مؤامرة تفجر الشارع الأردني مرتبطة بخطة الشياطين في إدارة ترمب وفِي حكومة اسرائيل المسماة ( صفقة القرن ). وهذا ايضا امر يتقبله الفكر الباحث والمحلل للأحداث ، لكن ان يتم الصاق تهمة الخيانة والتآمر بمئات الاف الاردنيين الذين يخرجون الى الشوارع فهذا امر سخيف وتهمة بائسة ، بالمقابل فان هذه المزاعم يقابلها اقاويل ترددت قبل انطلاق المظاهرات مفادها انه ما من تفسير لهذه الجبهة العريضة من الهجوم على جيوب المواطنين بالضرائب ورفع الأسعار وفِي أشهر معدودة من قبل الحكومة الا وجها من وجوه الخضوع لامريكا والصهيونية العالمية التي تقف خلف الصندوق الدولي من اجل حصار الشعب الأردني في قوته وإجباره ،حين يحين الوقت ، على القبول بمؤامرة القرن المسماة صفقة القرن ، اي إغرائه ببضع مليارات يقايض بها مشروع تصفية القضية الفلسطينيية عَل حساب الفلسطينيين والاردنيين .

في مسألة المؤامرة ووجوهها وفرضياتها ، فان خروج الشعب بهذا الحجم ،بوحدة وطنية غير مسبوقة ،يضع امام الدولة ، من غير ما كانت تحتسب ،سلاحا قوياً بوجه أعداء الاردن ،انه قوة شعبها وحماسته وعنفوانه ، فان احسنت إدارة هذه المرحلة بتحويل هذه الطاقات الشعبية الكبيرة نحو مواجهة التحديات الخارجية ،فان المؤامرات لن تمر ، ان كانت سياسية أم مالية ،. اما من تحدثه هواجسه بإدارة الظهر لمطالب الشعب او الالتفاف على مطالبه ،انما هو بقصد او غير قصد ، يسهل الارض امام رياح السموم التي تستهدف الجميع .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى