الفندق

الفندق

سهير جرادات

تفاجأ النزلاء بحريق داهم الفندق الذي يقطنون فيه .. ذلك الفندق الذي أقيم لغايات محددة ، قبل أن يتحول إلى  (مشروع  استثماري )، تم إنشاؤه على أرض تعود للأهالي، الذين يعملون إما في الفندق أو في المنطقة ، ويحرصون على إدامة الفندق وتوفير الاحتياجات للنزلاء ، من منطلق اهتمامهم بالمنطقة لتبقى بصورتها البهية ، ولينعموا والنزلاء بالطمأنينة والقوة والاستقلالية من خلال حماية مشروع ( الفندق ) الذي من المفترض أن يوفر الدخل والاستقلال للمنطقة وأهلها ..

     فور مداهمة النيران أرجاء الفندق ، استشعر أهالي المنطقة الخطرالذي يتعرض له الفندق والمنطقة ، وهرعوا لإنقاذ الفندق ونزلائه وحماية المنطقة من أن تمتد ألسنة النيران لها ، ليتفأجاوا عند وصولهم إلى باحة الفندق بأن العديد من النزلاء غادروا مسرعين ومن قبلهم المستثمرون وصاحب الفندق ( كما يدعي) ، حتى ان معظمهم هرب، وهو يحمل ما خف وزنه وغلا ثمنه! مما تبقى من مقتنيات الفندق الذي نهبوه وسلبوا خيراته !!.. ومنهم من غادر الفندق عبر البوابة الرئيسية ومنهم من باب الطوارئ ، تاركين حطام الفندق والأرض التي أقيم عليها لأهالي المنطقة ..بعد أن تأكدوا من أن الأموال التي نهبوها قد تم تحويلها إلى ملاذات آمنة !!..

مقالات ذات صلة

  لم يستهجن سكان المنطقة ، تصرف (من يدعي ) ملكيته للفندق ، ولا من المستثمرين  وبعض النزلاء ، لأنه في الأصل صاحب الفندق أخذ الأرض (دين لأجل )، ولم يدفع أي مبلغ ثمنا لها . والمستثمرون الذين تولوا إقامة الفندق حصلوا على الأموال عن طريق الاقتراض من المصارف المحلية ، وبذلك لم تترتب عليهم أي خسارة ، لأنه في الواقع الخسارة على البنوك وأهالي المنطقة، الذين اودعوا أموالهم وتحويشة عمرهم في البنوك!!..

         حاول أهالي المنطقة أن يفتحوا نوافذ الفندق للتخفيف من حدة انبعاث الدخان المتصاعدة منه، إلا أنهم اكتشفوا أن النوافذ لا تفتح من الداخل ، فهرعوا للخارج ليكتشفوا أن النوافذ تفتح من الخارج فقط .. عندها تأكدوا من أن هناك ( أيادي خارجية ) هي التي تتحكم بالفندق!! ..

   للعلم ، الفندق ( المفروش)، يقدم وسائل الراحة والترفية والخدمات للنزلاء ، على أن يراعي النزلاء الحفاظ على الفندق ومقتنياته وموجوداته خلال فترة اقامتهم، التي من المفترض أن تكون لفترة قصيرة ومقابل أجر ، لكن في حقيقة الأمر ، يحرص بعض النزلاء لاستغلال الفندق ومرافقه أبشع استغلال ..فهم لا يدفعون مقابل اقامتهم ، وما عليهم سوى تهريب ما يمكنهم تهريبه من موجودات ومقتنيات  للخارج و بيعها بأسعار زهيدة ، أو تأجير بعض مرافقها ، أو منحها هبات واعطيات للأعوان والأصدقاء والأقرباء .

     تعود ملكية أرض ( الفندق ) إلى أهالي المنطقة ، التي تحولت ملكيتها عن طريق الاستملاك لمالك لم يدفع ثمنا لها ، واستغلها بتحويلها  إلى مشروع استثماري ، وتحالف مع المستثمرين الذين تقاسموا معه المصالح قبل المرابح، واستثمروا الفندق أبشع استثمار ، وفي نهاية المطاف ومن أول هزة واجهت الفندق هرب جميع من ذكروا من المستغلين وتخلوا عن الفندق ، لانه بالنسبة لهم لا يتعدى سوى مشروع لا تربطهم به أي مشاعر لانهم إما ليسوا من أبناء المنطقة ولا تربطهم ذكريات ولا انتماء لها ،ولا توجد لهم أي جذور فيها ، أو من أصحاب ( المصالح ) الذين يقيسون الأمورعلى أساس المكتسبات والمنافع التي سيحققونها !!..

      في النهاية ، تمت السيطرة على الحريق من قبل سكان المنطقة الذين ( استملكت ) أرضهم ، إلا انهم يملكون مشاعر ومحبة تجاه المنطقة والفندق المقام عليها، فهي منطقة تعني لهم الشيء الكثير ، فالمشروع مقام على أرض الآباء والأجداد، التي حرثوها وزرعوها واحبوها، لأنهم خلقوا وجبلوا من ترابها الذي اختلط بعرق جبينهم ، ولن يتخلوا عنها ، وهم الذين خاطروا بأرواحهم في سبيل الفندق والمنطقة التي تمت السيطرة عليها ب ( وضع اليد ) ، إلا أن “قوشان” الأرض معهم،  ومدون عليه تحت بند المالك : اسمهم الرباعي ..

كثيرون هم أمثال من ( يدعي ) أنه صاحب الفندق والمستثمرون وعدد كبير من النزلاء الذين يعتبرون (الفندق ) ما هو إلا مكان يقيمون فيه ويتمتعون به ويأكلون من خيراته ، التي هي بالأصل خيرات أهالي المنطقة ، وفي حال شعورهم بالخطر لن يكلفهم الامر سوى الهرب وترك الفندق والأرض للأهالي بعد أن يكونوا قد انهكوا المنطقة تماما ونهبوا خيراتها ..

    تناهى إلى مسامع أهل المنطقة عن ( نية ) محاسبة ناهبي الفندق وتقديمهم للمحاكمة ورؤيتهم خلف القضبان ، إلا أنها مجرد أحاديث تدور بين الأهالي دون أي إجراء على أرض الواقع .. لكن يبقى الخوف يساور أهالي المنطقة من عودة رؤية بعض النزلاء الفارين أو المستثمرين الفاسدين إلى الواجهة؛ بإعادة تعيينهم في وظائف حساسة في الفندق ..

Jaradat63@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى