نَضُجتُ وأيقنتُ يا والِدَايْ / تمارا الحلايقه

نَضُجتُ وأيقنتُ يا والِدَايْ
تمارا محمد الحلايقه

يا والِدايَ لقد نضجت وأيقنتُ الكثير… يا والداي لا أريد أن أعود طفلة فسنوات الشباب عظيمة جدًا – سنوات إزدهارٍ وعطاءٍ وصناعةٍ مستقبلٍ لا تتكرّر- لكنّي في صراعٍ مع براءةٍ في روحي لا أجد لها متسعاً في زماني ومكاني لذا أُخْفيها رغم عِتابها لي وأعتذر لها – وفاءًا لصبرها وعهدها لي أن تبقى معي ما حييت- ، وأَظهَرُ فقط برزانتي كشابّة وأزِنُ الأمور برجاحة العقل فقط كما علمتُماني وأدمجها بالرحمة لا العاطفة إذا اقتضى الظرف والموقف.
يا والداي لقد نضجت وأيقنت أنَّ كلّ مبادئ ودروس الرِّفعة التي علّمتماني أنا وأخوتي كانت لبصيرتكما فيما ينتظرنا في زحام الحياة.
منذ أول درسٍ علّمتمونا إيَاه: “أن هناك رداً واحداً لكل أسئلة الناس عن أخباركم إذا كانت مما ليس من شأنهم، فقط ” الحمد لله، وبخيرٍ وأشكرك على مودّتك لكن هذا الأمرُ خصوصية “.
و ثاني درسٍ علّمتمونا إيّاه: “أن لا نُطْلعَ أحداً على ما لدينا، ولا نفكّر ولا نهتم في معرفة شيء عن خصوصيات الناس”.
و ثالث درسٍ علّمتمونا إيّاه: ” اياكم وأن تذْكُروا سيرة أحدٍ أمام أحد وخاصّة بالشّر ” وأَنَّ خيرَ إجابة لمن يبحث عن أخبار الناس من خلالكم ” لا أعرف ” . وخير إجابة لكل من ينقل لكم كلاماً “لا يهمَني”.
و رابع درسٍ علّمتمونا إيّاه: ” ترفَّعوا بعلمكم وثقافتكم، وإن خالطتّم النّاس لا تَركِنوا لتعرّفوا بأنفسكم فقط ب ” أنا ابن/بنت فلان” ليهابكم الآخر بها، بل عليكم أن تصلوا لتك المرحلة التي يكون فيها كيانكم وشخصيّاتكم كفيلةٌ بالتعريف بكم في أكبر المجالس.
و خامس درسٍ علّمتمونا إيّاه: ” لا تتنازلوا لتَصِلوا و كونوا أصحاب مبادئ في كلِ ما تفعلون”.
وسادس درسٍ علمّتمونا إيّاه: ” في المجالس كونوا مستمعين ثم محاورين وآخر من يتكلّم”.
نضجت وأيقنت يا والداي أنّ لكما نظرة ثاقبة في مستقبل كل واحدٍ منّا و أين ستذهب بنا الحياة وأنّ معنى كلمَتي ارتقوا وترفّعوا ” أخلاقاً وعلمًا لا غرورًا” لم تكن لأن القاع مزدحم بقَدر ما كانت لأنه مليء بالسّوء ولربما القذارة. وأتذكر دوماً ما تحذرونا منه: “لا تخلطوا بين الرفعةِ والغرور” فالغرور مهلكَةُ صاحبه كما قال الله تعالى : ﴿ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا﴾، والرفعة رفيقٌ صالح تتجلّى بأخلاق سيد المرسلين كما ذكره رب العالمين: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾.
ونضجت وأيقنت وأدركت معنى سابع وآخر درسٍ من دروس الرِّفعة ” كونوا عملةً نادراً ينتقيكم ويبحث عنكم من يعرف قيمتكم فقط”.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى