.معركة الإفطار

[review]وقت الغروب، تنبعث رائحة ”الشعيرية” من نافذة قريبة ،يتبعها طشطشة بصل من نافذة أخرى،وصوت غطاء طنجرة يلفّ طويلاً على البلاط قبل أن تستقر كامل حوافه على الأرض ، هذا الصوت لا يقل ازعاجاً عن صوت امرأة متسلّطة تصيح بأعلى صوتها ”أكلتهن يقصف عمرك”. يتبعها ”صوت خماسي” شديد اللهجة وبكاء متقطّع ”لطفل مفطر”.يتخلل هذه الأجواء المشحونة ”رشقات” زيت ، ورمي حبات بصل مسيلة للدموع في قاع الطنجرة، وانقضاض بالسلاح الأبيض على عنق ”ضمة كزبرة” مشفوعاً بالتكبير والدعاء بالنصر، أغطّي عيون الأطفال عن مشهد ”التمر هندي” المراق في ساحة الطبخ ، وآخذهم الى مكانٍ آمن أو الى قمة جبل قريب. كل مساء تحدث معارك حقيقية في المطابخ بحجة إعداد الإفطار، يذهب ضحيتها كثير من الأدوات والصحون ”المرتدّة”.يسود صمت قليل أجواء المطبخ ، ربما لإخلاء الضحايا ، وإسعاف المصابين ، فتخرج بعدها أم العيال ”مشحبرة” منهكةً متأرجحةً تسند نفسها الى الحائط والى باب الصالون بيدها ”كفكير” و”جاط فتّوش”..ولأن دعاء ما قبل الإفطار مستجاب ، ما عليك الاّ أن تسأل الله أن ”يثبّت” أقدامها وأن تكمل نقل باقي الصحون..في هذه الأثناء يستلّ كل ولد ملعقته وهو”يصطك ” على أسنانه متأهباً ”لنزيل” المبارزة المقابل. وما أن يؤذّن أحد المساجد في ”ساحل العاج” أو ”البوسنة” .. حتى يبدأ أزيز نواة التمر ، و”صليل” المعالق ،وصهيل الأمعاء..وسط موسيقى تصويرية من إيقاع رشف ”الشعيرية” السريع..ينتهي المشهد على احتلال الأولاد جبل ”المقلوبة” ، والسيطرة على ”آبار” شراب السوس، وتقاسم الغنائم ..أمّا الآباء ، كالعادة يندحرون وهم يجروا أذيال الخيبة والفشل.ahmedalzoubi@hotmail.com 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى