الأردنية … لا نريدها يرموك ثانية / م.أنس معابرة

الأردنية … لا نريدها يرموك ثانية
ثلاثون عاماً إنقضت على إعتصامات للطلبة في جامعة اليرموك التي تقبع في شمال وطننا الحبيب، وفي عروس الشمال؛ مدينة اربد التي تزهو بجامعاتها التي تحيط بها من كافة الأنحاء والأرجاء، ويقصدها طلاب العلم يومياً من مختلف المحافظات الأردنية والعربية والعالمية.

ثلاثون عاماً مرت على تلك الإعتصامات التي كان سببها إرتفاع تكاليف الدراسة لطلبة الهندسة بمقدار “خمسة عشر ديناراً أردنياً”، أحس الطلبة أنها ستجنى من قوتهم وقوت أسرهم، وسيحرمون أنفسهم من الضروريات من أجل توفيرها.

مبلغ ضئيل؛ ولكن أدرك الطلبة في ذلك الوقت أن جيبوبهم ستكون المورد الرئيس بعد ذلك، وسيلجأ اليها المشرعون في كل وقت وحين من أجل جني المزيد من الأموال والدعم.

لقد تفانى جلالة الملك الراحل الحسين بن طلال من اجل مجانية التعليم، ولم يوفر جهداً في دعم المؤسسات التعليمية، والدفع بإتجاه تطوير المناهج، ورفع مستوى الخريجين من الجامعات الأردنية، وقد تحققت رؤياه – رحمه الله – بأن الخريج من الجامعات الأردنية يلقى الإهتمام في كافة بقاع الأرض.

مقالات ذات صلة

وسار على نفس خطواته جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين من خلال سلسلة إصلاحات في مجال التعليم ومؤسساته، والسعي الى تطوير العملية التعليمية وإدخال كافة الوسائل الحديثة فيها.

ولكن بقيت عقلية المشرعين والمسؤولين كما هي، كان يكفي في عام 1986 التراجع عن قرار رفع أسعار التعليم لطلاب الهندسة في جامعة اليرموك من أجل إنهاء موجة الغضب التي إجتاحت الطلبة، وأعلنوا فيها إعتصامهم داخل الجامعة.

حكمت العقلية الأمنية الموقف بشكل كامل، وتم تحييد دور رئيس الجامعة الذي كان من المفروض أن يحل شأنه الداخلي مع أبناءه الطلبة، ويسعى الى إنهاء موجة الإحتقان التي تسبب بها بقراره المتعسف.

تدخلت قوات الأمن ليسيل دم الطلبة على عتبات جامعتهم وكلياتهم، وقاعات كان من المفروض أن يتلقوا العلم منها، وتم زف ثلاث ضحايا كان الأوجب زفهم بثوب التخرج من أبواب جامعتهم.

اليوم نعيش ظروف مماثلة في أم الجامعات الأردنية، الجامعة الأردنية التي كان تدشينها من أهم الأحداث على الساحة التعليمية الاردنية، وكذلك تشابهت الظروف من ناحية اللجوء الى جيوب الطلبة من اجل جني المزيد من الأرباح، التي يتم صرفها على أشكال الرفاهية المختلفة، وأجور المدرسين والمحاضرين التي تشكو من سوء التوزيع والعدالة.

وتشابهت الظروف في التعامل مع تلك الإعتصامات التي تهدف الى الإطاحة بقرار رفع أسعار التعليم الى الضعف، فقامت وسائل الإعلام بتشويه صورة الإعتصامات، ووصفها بالمدعومة خارجياً، والتي تعمل على زعزعة الأمن الوطني، وإضعاف الجبهة الداخلية.

إننا نقف الآن على مفترق طرق أمام هذه الأزمة، وبحاجة الى عقلية متفتحة وواعية، من أجل وقف التأزم المتسارع في الموقف، والذي قد ينتهي الى ما إنتهى اليه إعتصام جامعة اليرموك قبل ثلاثين عاماً.

إنني أناشد ولي العهد الشاب، نصير الشباب وحامل لواءهم، سمو الأمير الحسين بن عبدالله حفظه الله في التدخل الى إنهاء هذه الأزمة، والإطاحة بقرار رفع الرسوم الجامعية في الجامعة الأرنية، وتجنب مواجهة دموية قد تحصل في أي وقت بين قوات الأمن التي تنتظر الإشارة، وطلبة سلميين قابعين في جامعتهم ويدافعون عن مستقبلهم وقوتهم.

والى العقلية الأمنية أقول: كيف بالله عليكم تضعون رجل الأمن في مواجهة أخاه وجاره وقريبه الذي يدافع عن مستقبله، والذي قد يكون يساعده في توفير قسطه الجامعي الفصلي؟ كيف بالله عليكم تهددون أبناءكم الذين يهتفون لكم في الميادين ويؤكدون على الشراكة في لقمة العيش؟

أما إدارة الجامعة فلها أقول: كيف تجرؤون على تهديد امننا الوطني بقراركم الإستفزازي برفع الرسوم، في وقت نحتاج فيه الى الجبهة الداخلية الواحدة والمتماسكة، وكيف تسعون الى كسب المزيد من الأرباح من اجل رفاهيتكم على حساب جيوب الفقراء الذين لا يملكون إلا الشهادة والتعليم من اجل ضمان مستقبلهم؟ لن يدفع الطلبة ثمن سياستكم الخاطئة في قوانين إستقلال الجامعات، ومصاريفكم المرتفعة.

أما وسائل الإعلام فلها أقول: التزموا بحيادتكم وشرف الرسالة التي تعملون على نقلها، ولا تسعون الى تزييف الحقائق وقلب الطاولة عليكم، إنقلوا الأخبار كما هي دون كذب أو تهويل أو خداع.

وفي النهاية، لا بد أن يعلم الجميع أن هذا القرار سيسقط إن شاء الله، بجهود الثلة الواعية المدركة لخطورته ووقته الخاطئ، وسيبقى الأردن واحداً متماسكاً بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين ورؤيته الثاقبة، وكذلك بجهود ولي العهد الحسين بن عبدالله وجهوده في دعم الشباب والوقوف الى جانبهم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى