التقرير النووي للشرق الأوسط / د. أيّوب أبو ديّة

التقرير النووي للشرق الأوسط

صدر عن مركز دراسات عصام فارس في الجامعة الأمريكية في بيروت التقرير السنوي لعام 2018 جاء فيه تفصيلات عن أحوال دول الشرق الأوسط النووية وما وصلت إليه مؤخراً مثل إيران وتركيا والإمارات والسعودية ومصر والأردن. وعندما يتمعن المرء في خارطة المنطقة يجد أن إيران هي الدولة الوحيدة التي أصبح فيها مفاعل بوشهر 1 عاملاً مع بعض الطموحات للتوسع ببناء وحدة ثانية وأخرى ثالثة، بالإضافة إلى دراسة احتمال استخدام مفاعلات صغيرة SMR من طراز ACP100 بالقرب من خليج عُمان، ولكن الإجراءات الأمريكية الأخيرة لمقاطعة إيران ومحاصرتها لابد أن تعيق هذه الطموحات. ومهما يكن من أمر فإن التقرير يرى أنه تحت وابل الضغط السياسي الدولي ربما تندفع إيران صوب تحقيق طموحاتها مهما استدعى الأمر وذلك ببناء مفاعلات أخرى جديدة من باب التحدي (والتغطية على الفشل الاقتصادي والأمني داخليا) بغض النظر عن الملاءَة المالية.
أما المفاعلات الأربعة في الإمارات العربية المتحدة قيد الإنشاء في منطقة براكه على الخليج العربي فكان من المفترض أن تعمل الوحدة الأولى في عام 2017، ولكنها تأجلت إلى عام 2020 كما يذكر التقرير، وذلك نتيجة تأخر تدريب المهندسين والفنيين الإماراتيين للمشاركة في إدارة المفاعلات؛ ولكن يبدو أن التقرير قد نُشر قبل أن يذاع خبر التشققات في خرسانة حماية المفاعلات والتي يبلغ سمكها 120 سنتمتراً، ولكن على الأرجح أن تؤدي هذه التطورات وغيرها إلى تأخر انطلاقة المشروع مرة أخرى.
أما السعودية فقد هجرت طموحاتها لبناء 16 مفاعلاً كبيراً بقدرة كلية مقدارها 17 جيجاواط واستبدلت ذلك بطموح وضيع هو مفاعلين فقط؛ كما بدأت الحكومة السعودية مؤخراً بالتفكير بالمفاعلات الكورية الصغيرة، وهي الآن في طور دراسة الجدوى الاقتصادية لمفاعلين قدرة كل منهما 100 ميجاواط بهدف تحلية المياه كما يقول التقرير. ولكن، يستبعد المرء هذا التوجه وبخاصة لأن دلالته سياسية موجهة لإيران وليست لها أي جدوى اقتصادية، حيث أن أسعار الطاقة الشمسية اليوم باتت تكلف نحو 10% من تكلفة الطاقة الكهربائية الناجمة عن المفاعلات الصغيرة التي وصلت إلى حدودها الدنيا 1.79 سنت دولار للكيلواط. ساعة عام 2018 وهي مرشحة للانخفاض أكثر في الأعوام القادمة، فأي جدوى اقتصادية يتحدثون عنها؟ والعام القادم 2019 سوف يشهد على التغيرات المذهلة في استراتيجيات الطاقة في العالم وبخاصة في مجال توليد الطاقة وتخزينها وادارتها. ومن لم يتغير استجابة للمتغيرات العالمية سوف تجرفه مياه الفيضانات الى غير رجعة غير مأسوف عليه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى