عذراً رمضان / حسام السيف البتار

عذراً رمضان .. عذراً رمضان .. فما قدرناك حق قدرك

– كتب عليكم الصيام ..

قال تعالى :

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}…
.
الحمكة من الصيام ليس أن يمنع الإنسان نفسه عن الطعام والشراب والنكاح ، ولكن كما قال الله { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } وما أشار إليه النبي الكريم صلوات ربي وسلامه عليه في قوله : ( من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه )
ومعنى قوله عليه الصلاة والسلام :

مقالات ذات صلة

( من لم يدع قول الزور ) هو كل قول محرَّم أو العمل به – أي بالزور- أي كل فعل محرَّم ..
و( الجهل ) : قال هو العدوان على الناس وعدم الحلم.

– فالمطلوب مني ومنكَ ومنكِ :
.
تحقيق تقوى الله جلَّ في علاه ..
تقوى الله هي الغاية المنشوده والدره المفقوده..
.
قال سبحانه :
.
{ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ}
.
وقال صلى الله عليه وسلم : ( اتق الله حيثما كنت )…
.
والتقوى في أبسط معانيها : فعل المأمور وترك المحذور ..
.
فهل ترانا حققنا هذا بصيامنا !! أم نحن ممن بالنهار يتقيه وبالليل يعصيه !!!.
.
كتب عمر بن عبد العزيز إلى رجل : أوصيك بتقوى الله .. أوصيك بتقوى الله عز وجل التي لا يقبل غيرها ولا يرحم إلاَّ أهلها ولا يثيب إلا عليها ، فإنَّ الواعظين بها كثير والعاملين بها قليل .. جعلني الله وإياك من المتقين ..
.
تقوى الله : أكرم ما أسررت ، وأزين ما أظهرت ، وأفضل ما ادخرت ، والآخرة عند ربك للمتقين .
.
إليك موجزاً وبعضاً من أخبار المتقين ..
.
وقال الشافعي : ما حلفت بالله صادقاً ولا كاذباً ، ولو أعلم أنَّ الماء يفسد علي مروءتي ما شربته .
.
قيل لمحمد بن واسع : لمَ لا تتكىء ؟! قال : إنما يتكىء الآمن وأنا لا زلت خائفاً .. إنما يتكىء الآمن وأنا لا زلت خائفاً ..
.
وقُرأ على عبد الله بن وهب : { وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ } فسقط مغشياً عليه .
.
وحج مسروق فما نام إلا ساجداً .
.
وقال أحدهم : ما كذبت منذ علمت أنَّ الكذب يضر أهله ..
.
وقال أبوسليمان الداراني : كل يوم أنا أنظر في المرآة هل اسودَّ وجهي من الذنوب ..
.
هذا حالهم ..فكيف هو حالي وحالك ؟؟!!..
لبسنا الجديد ، وأكلنا الثريد ، ونسينا الوعيد ، وأمّلنا الأمل البعيد .. رحماك يا رب ..
لماذا تريد الحياة ؟! ..
لماذا تعشق العيش ؟! ..
إذا لم تدمع العينان من خشية الله جل في علاه !!..
إذا لم نمدح الله بالسحر !!..
إذا لم نزاحم بالركب في حلق الذكر !!..
إذا لم نصم الهواجر ، ونخفي الصدقات !!..
هل العيش إلا هذا ؟؟!!..
.
قالوا : إذا لم تستطع قيام الليل ، وصيام النهار فاعلم أنك محروم ..
قال سبحانه : { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ ، فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ}
هذه أخبارهم { لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ}

– بدأ غريباً وسيعود غريباً :

قال صلى الله عليه وسلم : ( بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء ) .
إنّ الذي يقرأ ويسمع عن أخبار السلف ، وقلة من الخلف يعلم أنَّ الدين يعيش غربة بين أهله ..
من سمع عن صيامهم ، وقيامهم ، وجهادهم أيقن أنَّ الواقع اليوم يحتاج إلى مراجعة وتصحيح ..
.
فتعالوا أحبتي ننظر في بعض صور الغرباء في رمضان ، ومع الصيام ، ونقول ونكرر : عذراً رمضان ..

– الغرباء مع الصيام : –

أمير البررة وقتيل الفجرة عثمان .رضي الله عنه . قال أبو نُعيم عنه : حظه من النهار الجود والصيام ، ومن الليل السجود والقيام ..
مبشر بالبلوى ، منعَّمٌ بالنجوى .. تقول عنه زوجه.. وعن الزبير بن عبد الله عن جده عن جدةٍ له يقال لها هيمه : كان عثمان يصوم الدهر ، ويقوم الليل إلا هجعة من أوله .. رضي الله عنه ..
قتلوه وقد كان صائماً والمصحف بين يديه والدموع على لحيته وخديه .. حبيب محمد ووزير صدقٍ ورابع خير من وطأ التراب .
.
أما أبو طلحة الأنصاري الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لصوت أبي طلحة في الجيش خير من ألف رجل ) ..عن أنس رضي الله عنه قال : كان أبو طلحة لا يصوم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من أجل الغزو .. فلما قُبض النبي صلى الله عليه وسلم لم أره يفطر إلا يوم أضحى أو يوم فطر .
.
أما حكيم الأمة وسيد القراء أبا الدرداء فقد قال : لقد كنت تاجراً قبل أن يبعث محمد صلى الله عليه وسلم ، فلما بُعث زاولت العبادة والتجارة فلم يجتمعا فأخذت بالعبادة وتركت التجارة.. تقول عنه زوجه : لم تكن له حاجة في الدنيا ، يقوم الليل ويصوم النهار ما يفتر..
لله درهم..
.
أما من خبر الإمام القدوة المتعبد المتهجد عبد الله بن عمر فيكفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( نعمَ العبد عبد الله ) .. قال عنه نافع : كان ابن عمر لا يصوم في السفر ولا يكاد يفطر في الحضر .
.
وعن سعيد بن جابر قال : لما اُحتضر ابن عمر قال : لا آسى على شيء من الدنيا إلا على ثلاث : ظمأ الهواجر ، ومكابدة الليل ، وأني لم أقاتل الفئة الباغية التي نزلت بنا – يعني الحجاج – .
.
وإليكَ وإليكِ مزيد .. و كرروا معي عذراً رمضان ..
.
عن رجاء بن حيوه عن أبي أمامة : أنشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشاً فأتيته فقلت يا رسول الله :ادعو الله لي بالشهادة ، فقال : ( اللهم سلمهم وغنمهم ) فغزونا فسلمنا وغنمنا .. حتى ذكر ذلك ثلاثة مرات ، قال ثم أتيته فقلت : يا رسول الله : إني أتيتك تترى – يعني ثلاث مرات – أسألك أن تدعو لي بالشهادة فقلت : ( اللهم سلمهم وغنمهم ) فسلمنا وغنمنا .. يا رسول الله فمرني بعمل أدخل به الجنة .. مرني بعمل أدخل به الجنة، فقال (عليك بالصوم فإنه لامثل له ) ، قال فكان أبو أمامة لا يُرى في بيته الدخان نهاراً إلا إذا نزل بهم ضيف ، فإذا رأوا الدخان نهاراً عرف الناس أنهم قد اعتراهم الضيوف ..
.
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفارنا في يوم حار حتى يضع الرجل يده على رأس

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى