طفل الكورونا

طفل الكورونا
يوسف غيشان

أنا من المبشرين بالحجز الكامل:(خلّيك منطمّ في البيت)، لأني تجاوزت الستين خريفا، لكني لا التزم، وأمارس التجول اللاإرادي يوميا لغايات التبضع والتضبّع في الحارات للحصول على فيتامين سي مجانا، وأغراض البيت وحاجاته التي لا غنى -ولا فقر-عنها.

قبل سنوات فوجئ العديد من القراء والقارئات من ضخامة عمري الزمني الذي ذكرته عرضا في مقالة ما، واعتقدوا أنني (نيني نيني كع) نظرا لخفة دمي وعقلي.

في السابق لم أتنبه لدبيب الزمن، لكني وبعد مجموعة من الرسائل الاليكترونية الاستنكارية التي كانت تعتقدني أصغر بكثير نظرا لما أقترفه من مراهقة سياسية واجتماعية. بعدها، فوجئت أنا أيضا بعمري المديد كأنفي.

مقالات ذات صلة

لما بدأت الكتابة المنظمة في الصحف قبل ثلاثين عاما، كنت قد اعتزلت الشعر بعد ديوانين صغيرين، وتخصصت بالكتابة الساخرة، كان الناس يتفاجؤون – على ذمتهم_ من ضحالة عمري، ويؤكدون ان كتاباتي تشي بأني شيخ محنك، ولما دخلت طور الكهولة، صار الناس يفاجؤون من وصولي إلى الهزيع الأخير من العمر مع ان كتاباتي تدل على الشبابية، كما يدعون.

كانوا على خطأ من البداية، وهم على خطأ الآن، فما أنا ونحن– وكل كاتب ساخر-إلا مجرد أطفال يلعبون ويخربشون على جدار الوقت، لا تهمهم اللافتات (احذروا دهان العمر… الزمن يضر بصحتك) فقط، هم يمارسون طفولتهم وبراءتهم بأكبر قدر ممكن من الشغب والمشاكسة، بدون ذلك سوف يعجزون عن السخرية حتى من أنفسهم.

اللعب أفضل مدرسة للأطفال الصغار والكبار، والصراع والتنافس يقويان عقولهم وقلوبهم، وكلما امتد الزمن في الطفل كلما صار أقوى وأذكى، شرط ان يحتفظ بطفولته، والا يتحول إلى مجرد رجل يدعونه للجاهات والعطوات العشائرية وينهمك في نقاشات أبناء الحمولة حول اللون المفضل لدهان مقابر العائلة.

أني أتعلم من طفولتي أشياء كثيرة، وسوف اسردها لكم، وأنا على فراش الموت، طفلا في الهزيع الأخير من العمر!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى